بقلم : علي أبو الريش
عمدت إيران منذ عقود من الزمن على تلحين حزنها التاريخي على أوتار فلسطين، مستدرجة مشاعر السذج والبلهاء من أجل كسب التعاطف مع أجندتها السرية، لتحقيق مآرب أخرى، واليوم تجند إيران قنواتها وإعلامها لتشويه الحقائق وتسويف القضايا، وجر المنطقة إلى مستنقعات صراعات إثنية وطائفية. فلسطين بالنسبة لإيران المشجب الذي تعلق عليه ملابس سياستها البغيضة، واتهام دول الخليج العربي بعلاقات سرية مع إسرائيل ما هو إلا طريق إيران إلى جهنم، فهي تشعل الحرائق،
وتوزع الاتهامات، وتتبوأ مكاناً وهمياً، وكأنها الفعل المنصوب على قمة الجبل التاريخي المتوهم. فإيران بسطت نفوذها على العراق ولبنان وسوريا، وحاولت وفشلت أن تلقي بأجنحتها على اليمن، كل ذلك تحت ذرائع مختلفة متنوعة ومفزعة، إيران تريد أن تقول للسذج إنها الراعية والحامية لفلسطين لتجد الأعذار في انتهاكاتها في دول عربية كثيرة، تريد أن يغض الشعب العربي الطرف عن ممارساتها الهمجية في هذه الدول تحت ذريعة تحرير القدس، وهي الدولة التي احتلت جزءاً عزيزاً من ترابنا، وهي الدولة التي تريد أن تحيي إرثاً تاريخياً متوهماً، وهي الدولة التي تبني علاقات مع إسرائيل من تحت الماء، ومن خلف غشاء القمر، ومن وراء الجليد.
حتى هذه اللحظة لم نشهد ما يشير إلى أن إيران دولة تحترم حقوق الإنسان وحقوق الجيران، فكيف لها أن تبشر بفتوحات يراها العرب مهمة، ولكن ليس على يد المرشد ولا حراس الثورة ولا قناة العالم التي تجهش بكاء على الحسين، ولا تصاب بالخجل حين تلقي بالشتائم والسباب على آل البيت وصحابة الرسول.
هذا التناقض كفيل بأن يضعنا أمام أسئلة إجاباتها دامغة من إيران، إنها لا تريد من هذا البكاء غير إذكاء الفرقة بين المسلمين، وإشعال الحروب المدمرة بين أبناء المنطقة وتمزيق الدول، وهذه أعظم هدية تقدمها إيران لإسرائيل عندما تهشم وتحطم سيادة دول عربية وإسلامية، فأين إيران من الثورة المدعاة، ومن القدس التي طالما تباكت من أجلها وأبكت. إيران اليوم وبعد أن وجدت العين الحمراء في اليمن، تشعر بالانكسار والاندحار، فما كان لها إلا أن تجلس على دكة الحسرة، وتوجه سهام اتهاماتها باتجاه دول الخليج العربي، نعم هذه لغة العاجز والفارغ الذي لا يملك غير الصراخ والعويل والنحيب للتعويض عن النقص، وللبحث عن حلول حتى وإنْ كانت وهمية لإثبات الوجود ولكن كيف؟ أحلام اليقظة لا تحقق المشاريع، إذا كانت الأدوات عديمة ومهترئة، وإيران تعاني ضعفاً في الفكر السياسي وفي الانتماء العقائدي، وفي الأوضاع الاجتماعية التي تشير إلى وقوع أكثر من 40% من سكانها تحت خط الفقر. وفاقد الشيء لا يعطيه، وإيران لا تملك ما تعطيه للعالم غير الفراغات اللامتناهية..
وما تنعق وتنهق به قناة العالم لن يقدم لإيران إلا المزيد من الضياع في متاهات التشرذم السياسي، أما من تتهمهم وتوجه إليهم الأباطيل، فهم ماضون في تحقيق أمجادهم بوعي وقدرة.