علي ابو الريش
كثيرون استقبلوا خبر رفع فاتورة استهلاك الماء والكهرباء، بالتخوف من الآتي، والقلق على محافظ الجيب السفلى، وشعروا أن الماء سوف يلسع، والكهرباء ستبلع، وأن أنابيب مفتوحة الفوهات سوف تصاب بالرعشة جراء تنفيذ اقتراح الخبراء، وأعتقد أن التخوف مقبول، ولكن اللا معقول هو الاستمرار في هطول الأمطار الغزيرة من خزانات المياه، والتي تكلف الدولة أموالاً طائلة ولا حد لها، وإذا لم يستطع الناس، إيقاف هذه السيول الجارفة فمن واجب الدولة أن تتدخل، وأن تُقوِّم وتُقيِّم، وأن تضع حداً للامبالاة، لأننا نشاهد يومياً خدم المنازل، يحملون الأوزار على أكتافهم، ويدلقون النعمة في الفراغ اللامتناهي من الأرض لتنشفه حرارة الشمس بعد حين، ويصبح الماء كعصف مأكول و(لا من شاف ولا من درى)، والمعنيون في الأمر، وهم أصحاب المنازل، يغطون في سبات عميق، ولا يدرون ماذا يجري من خلف الجدران، وعند ساحات المنازل التي ساحت المياه من أجنابها حتى فاضت في الشوارع، وملأت الأسفلت بأثمار الماء.. صحيح أن الكثير من الناس سيجنون ما اقترفته ضمائر غيرهم، ولكن لابد من تدخل، ولابد من تحديد المسؤولية، ولا بد من صد الترهل، ورد التكاسل، ولابد من إعطاء الوطن حقه، في حفظ مكتسباته، وإذا كان البعض لا يلقي إلى ذلك بالاً، فإن من مسؤولية الجهات المعنية أن تتدخل، وأن تمارس حقها وسلطتها في منع هذا الهدر، فنحن لسنا نعيش على ضفاف الراين أو المسيسيبي، وإنما بلدنا يقع في تضاريس شحيحة، وما يتم توفيره من الماء للمواطن والمقيم إنما هو نتيجة صرف الأموال، بأرقام فلكية عن طريق التحلية، وهذا الأمر يستدعي الوعي بقيمة الماء، وقيمة الكهرباء أيضاً، لأن هاتين الطاقتين تقعان ضمن المخزون الاستراتيجي والثروة الوطنية التي تستوجب الوعي بقيمتها الحياتية، ودوافع الاهتمام بها، والحفاظ عليها، وعدم تركها بأيدي من لا يفكر إلا في «معاشه» آخر الشهر، وما عدا ذلك فهو يعتبره شيئاً من الرفاهية.
ارتفاع الفواتير سيرفع أسعاراً أخرى لسلع أخرى، ولكن هذا الإجراء لابد منه، صوناً لحق الوطن.