شتاء يحرقه المتهورون

شتاء يحرقه المتهورون

شتاء يحرقه المتهورون

 صوت الإمارات -

شتاء يحرقه المتهورون

علي ابو الريش

في البر، في أحضان الرمل تبدو الآفاق واسعة بسعة وجدان الناس الطيبين، ويبدو المكان كأنه العمر في ريعانه.. ولكن، عندما يشترط البعض أن يتزامن الشتاء مع الحرائق على الإسفلت، ومواقد الصبية على الرمل، تهرب الصحراء إلى حيث يسكن زمن الأخيار، وتهرول بعيداً محتجة مرتجة على أولئك الأشباه الذين أرادوا أن يختزلوا الزمن، بدمعة تطفئ الشمعة وبحريق يغشى البريق، وجحيم يطارد النعيم.. هذه الصحراء، تستنكر بكل قوة وثبات، هذا التهور وهذا التضور وهذا التنكر، وهذا التجبر، لأن الطبيعة من سجاياها الحب، مشفوع بالجمال، ومن لا يحب لا يتخيل كيف يكون الجمال وكيف يكون حسن الخصال.

في البر، يبدو المشهد عنيفاً، كفيفاً، سخيفاً، لا يعبر إلا عن نفوس أناس غادروا المعرفة منذ أزمنة غابرة، وكفنوا الأخلاق، بسياج من حديد وويل شديد، يرجون الأرض رجاً، ويخضون التراب خضا، ويعبثون ويسترسلون في العبث، وعدمية مريبة وغريبة وعجيبة، لا تخطر على بال بشر، فحتى الحجر، يصرخ من ويلات الذين يرمون القيم الإنسانية، بحجارة من أبابيل، ويخسفون ويتعسفون ويكسفون ويستخفون ويعيثون في الأرض فساداً بحجة المتعة والعيش بلا رادع ولا وازع غير نذعة الفوضى والهمجية العارمة..
في البر الإمارات تبدو حديقة مزينة بترابها وهضابها، وخضابها وإيهابها، وأسبابها الطبيعية، ولكن البعض لا يروق له المكان إلا أن يكون تترياً، يحفر الأرض، بعجلات حمقاء شمطاء، ويسحق ويمحق، ويسف ويلف، ولا يكف عن عصور ما قبل التاريخ، البعض هكذا يتصور الفرح وهكذا يتخيل قضاء الوقت في ربوع البراري.. البعض، عندما ينوي النزهة فإنه يغادر البيت، ويضع الضمير في ثلاجة النسيان، والذاكرة مليئة بالثقوب، فلا يعرف أبداً أن الله حق، وأن أديم الأرض بحاجة إلى إجلال وتجل، وتخلي كثيراً عن عوامل البطش والاستخفاف بما حبا الله الإمارات الحبيبة من طبيعة خلابة، وتنوع في التضاريس. البعض، لديه هواية واحدة، إزعاج الآمنين، وتهشيم القيم الحضارية لأبناء هذا البلد، ثم تعريض نفسه والآخرين للأخطاء الفادحة، والأخطار الجسيمة..

البعض يحب التباهي بسيارته أو حركاته البهلوانية بطريقته الخاصة، التي لا تتلاءم إلا مع الكائنات غير الإنسانية، فيمضي متشحاً لباس الفوضى متلاشياً خلف سلوكيات وتصرفات معيبة في حقه وحق أهله، وحق بلده، هذا البلد الذي ضرب المثل في التضحيات، وسلك المثل العليا في ميدان من ميادين الحياة، البعض هكذا قرر، ولكن بقراره هذا قد يفقد حياته بمجازفات ومخاطرات، ومغامرات، وقد يؤذي أبرياء مشكلتهم الوحيدة أن الصدفة جمعتهم وهذا الكائن المتوحش.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شتاء يحرقه المتهورون شتاء يحرقه المتهورون



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates