علي أبو الريش
في مساء رمضان، تبدو خيمات الأفكار، مثل طيور النورس، محلقات على التراب النبيل، بأجنحة الخير وصفاء القلوب التي تملأ المكان، بعطاء وسخاء لا مثيل له في الدنيا.
في مساء رمضان، يتوافد المعوزون، ومن لديهم حاجة الطعام إلى خيام الخير، يتطايرون شغفاً ولهفاً إلى تلك الظلال البيضاء، في انتظار لحظة الأفكار فتجد الأيادي مرفوعة، شاكرة، ضارعة، حامدة هذا الفضل، فلا جائع ولا محتاج في الإمارات لأن الأيادي ممدودة، مثل أشرعة السفن في بحار الدر الثمين، ووجوه سمراء تدفن عرقها تحت هواء المكيفات وتغسل وجوهها من صنابير البرودة، متجلية بهذا الفرح الإماراتي كأنها النجوم، تتلألأ في أحشاء السماء.
في مساء رمضان، الخيام علامات بذخ، تسفر على وجوه الذين يلجون أحشاءها بثقة العشاق الذين يلتقون مع المساء بعد ساعات طويلة تحت سياط الشمس تستقبلهم مياه جديدة، وسعادة جديدة وابتسامة تطل من شرفة شفاه تعلمت كيف تهدي الفرح للناس أجمعين.
في مساء رمضان، حلاوة الطعام ممزوجة بحلو المعشر، في بلاد تعرفت على تضاريس الوجوه من خلال ما تقدمه من أطباق الشبع، ودسامة العلاقة مع الآخر.
في رمضان، الإمارات شجرة وارفة بالحياة زاخرة بثراء العطاء مزدهرة بالحب، القريب والقريب سيان كل يمضي إلى مائدة الفرح بقلب مملوء بالطمأنينة، فلا حاجة للبحث عن مكان، فكل الأمكنة مفتوحة على الدفء والحنان، كل الأمكنة منشرحة بابتسامة الوجود وجسارة الليل المضاء بالأحلام الوردية.
في مساء رمضان، الإمارات سفينة محملة بالنجوم والأقمار والأزهار تضع مرساتها عند سواحل الذين جاؤوا كي يلونوا الشفاه من بياض اللبن المبرد الذين توقفت قوافلهم عند مضارب الخير، معتنقين فكرة واحدة.. الإمارات أرض الحب والسخاء.
في مساء رمضان، الإمارات مزخرفة بابتسامات عابري السبيل، والذين في قلوبهم لهفة الجلوس على موائد الطيب.