بقلم :علي أبو الريش
بإرادة الأوفياء، وقوة التاريخ، سكنت الإمارات اللب والمقل وصارت حلقة الوصل ما بين القارات والمحيطات والمضايق، حاضرة في الذاكرة، راسخة في الواقع، متألقة بين العالمين.. الإمارات بأكملها، من بينونة حتى جبال رأس الخيمة وما بينهما صاروج الحديد بدبي ووادي المليحة، مشغولات ذهبية، أبدعها الإنسان، وحفظها التاريخ واليوم تتجلى في قصيدة رائعة، لتُشرّف إكسبو 2020.
ما تشهده الإمارات ليست طفرة فقط، ولا قفزة طائر وإنما هو سليل تاريخ طويل بني بسواعد الأبناء، هؤلاء الرجال الذين عبروا البحار وقطعوا أسنان الموجة الصارمة لتطأ أقدامهم أرض الهند والصين وشرق أفريقيا، هؤلاء هم الذين إنسل من خاصرة وجدهم النو خذا البحار، الشاعر المؤرخ أحمد بن ماجد فكانت لأراجيزه حكاية مع البحر ورواية مع الدهر، هؤلاء هم أبناء الجبال والهضاب والسفوح، نحتوا تعبهم عرقاً على الصخرة الصماء، وعند مهد الكثيب الأجش، هؤلاء سادة العبور إلى عالم الدهشة، وقادة التواصل مع نجمة الفجر وقبل مجيء النهار، كانوا هم الجياد المخضلة بالعرق، نراهن على الوقت من أجل كسب سباق الخطوط الأمامية في كل موقع، هؤلاء رجالنا الأفذاذ، الذين علمونا كيف نزلق المحارات لآلئها عند أحشاء البحر، وكيف تمتد السواعد السمر لكي تنتزع الأمل من فم الكائنات المتوحشة. الإمارات اليوم تحتسي من رضاب التاريخ وتبني المستقبل بثقة النجباء وتمضي بالمنجز نحو مزيد من التفوق ومزيد من التميز، والتاريخ يساند الخطوات الجبارة ويدفع بالوثبات نحو خطوات أشمل وأكمل وأجمل.
إكسبو 2020، هو محصلة قراءة متأنية متمعنة تدخل في عمق النص التاريخي لتستخر منه العِبرة، والعظة وتسير على النهج بإرادة تجلدت بالحُلُم والحلِم، وهذا ما يجعل المشروع مبهراً، مزدهراً بابتسامة الذين يشعرون بالنجاح قبل تحقيقه إيماناً بالقدرات المكينة وتصديقاً بالإمكانيات واستناداً إلى مشاريع سابقة لم تكن أقل أهمية أعطت الدافع وسلطت الأضواء الكاشفة على مشاريع أخرى نجاحها بين الأيادي.
الإمارات لم تعرف مجالاً للفشل، ولذلك فإن الفرحة بأي مشروع تكون موفقة عبر تراكمات وخبرات وأداءات وإنجازات ومفاجآت أذهلت من رأى وسمع.. الإمارات بعمقها التاريخي تمضي بالقارب، وتصعد الأمواج بحرية وثقافة وأمانة ورزانة، تمضي بالقارب بأمان واطمئنان لأن القلوب مزروعة بعشب الثقة والصلابة والأرواح لا تتطلع إلا إلى القمم العالية.
وشكراً للذين علمونا كيف ننظر إلى الفوق من دون أن نقع.