علي أبو الريش
في السفر عبر الزمن، في الرحلة الطويلة عبر صحراء الأمكنة الإسلامية، تعثرت القوافل، وشاخت الركاب، ولم يعد الأصحاب هم الأصحاب، في هذا الزمن لحق بالإسلام كل ما شوهه وعبأه بانثيالات مفجعة، والمؤسف جداً أن ما أصاب الإسلام هو على يد أهله ومنتسبيه، الأمر الذي يستدعي من كل ذي ضمير، وبالذات الذين حملوا راية الدعوة والدفاع عن هذا الدين القويم، أن يكونوا بمستوى الحدث الجلل، وأن يهبوا ليصبوا رحيق علمهم وفكرهم، في وعاء العقل الإسلامي، درءاً للأخطار، ومنعاً للأيدي الخبيثة التي أشاعت أمراضها وعللها ودرنها، وفرضت واقعاً مغايراً ومناقضاً للدين الحنيف، هذه الشريحة التي أرادت أن تعود بالإسلام إلى عصور الجاهلية الأولى، وتحطيم كل الثوابت وتهشيم المبادئ، وجعل الدين مطية يستخدمها أصحاب العقول الشاذة لأغراض وأهواء ونزوات رسمت صورة سوداوية للوجه الإسلامي المشرف.
اليوم، ليست البندقة وحدها التي سوف تهزم هؤلاء شذاذ الأفق، وإنما العقل وما يحمله من قيم صحيحة يستطيع أن يتصدى لأعداء الأمة، وأن يفشل مآربهم ويطيح مخططاتهم، وينبذهم، ويعيد للإسلام مكانته التي تبوأها على مر القرون.
نحن نتمنى من حكمائنا وعلمائنا أن يقفوا وقفة رجل واحد، وأن ينبذوا الخلافات الهامشية، ويلتفتوا إلى العدو الشرس، وأن يجندوا علمهم ودينهم في مواجهة هذا الطوفان والجرذان، وأن يتحدوا في صف واحد ليهزموا أعداء العدين الواحدة، وألا يدعوا الثغرات مفتوحة ليمر من خلالها الغث والرث، نحن اليوم بحاجة إلى رجال الدين الأوفياء لدينهم وأوطانهم، لأن يقولوا بصوت واحد، لا.. وكفى هذا الهراء وهذا الافتراء وهذا الادعاء، ولنبدأ بداية صحيحة مبنية على مبادئ الدين القويم والرسالة المحمدية السامية، ولنواجه البغي والعدوان بصرامة وحزم، ونوضح للعالم أن هذا هو ديننا، دين التسامح والرحمة، دين الحب والعطاء، دين العمل والوفاء، دين الإنتاج والتعاون مع الآخر لإنجاز حضارة إنسانية ينعم بها الجميع، ويستفيد من منجزها كل إنسان يعيش على هذه الأرض، علماؤنا قادرون على تحقيق هذه الأهداف إذا ما تشابكت قلوبهم وتآلفت قلوبهم، وتوافقت عقولهم، واتحدت إرادتهم، وقويت عزيمتهم، قادرون فعلاً، فقط نريد أن يتخذوا القرار الحاسم لدحض هذه المخالفات الدينية الشنيعة، وفضح كل إنسان كاذب اتخذ الإسلام وسيلة وحيلة ولباساً يحقق من خلاله عدوانيته وكراهيته للبشرية، وحقده على كل ما هو جميل في هذه الحياة.