علي أبو الريش
الاحتفاء بشعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مسرحياً، هو احتفاء بملحمة التاريخ وفلسفة الحياة، لأن كل ما يقدمه سموه من شعر هو من فعل التجربة التاريخية وفلسفة الحياة، الأمر الذي يجعل من المسرح ميداناً ومجالاً للمحاكاة والتعاطي مع الكلمة الملهمة بصيغ غير اعتيادية، لأن صاحبها يقدم السرد شعراً لأن أن تبوح الحياة بأسرارها وأخبارها وأطوارها، وما جاشت به أنهارها وبحارها وأشجارها.
وهكذا نكون قد وصلنا إلى مرفأ التكوين وأمجاد الوجود الممتد من الوريد إلى الوريد، ومن بيان الروح إلى بنان القلب، ونحن دائماً نقف عند محطة الإدهاش لنبدأ في تفسير ما تسبره الذهنية من أغوار في عميق الشعر وما يقدمه سموه من ومضات تضيء درب الشعر، كما تفتح نافذة للحياة والتي من خلالها تطل النجوم على أفئدتنا لتسفر الكلمات عن معانٍ غير تقليدية ولارتيبة ولا متقاعسة ولا كسولة.
هكذا فإن في شعر محمد بن راشد ميداناً مسرحياً، وهنا أضواء، وهناك أدواراً وهنا شيمة يتكئ عليها هذا الفارس لأجل أن يبني قصيدته كما يبني دبي التي صارت بالمعنى والدلالة قصيدة عملاقة تمتد على صهوة الأرض ليبدأ الصهيل صحراوياً عروبياً، إماراتياً يتشرب من بلل السواحل ثم يمد للأفق شراعاً ويراعاً، يسير بالمهج باتجاه السعادة الأبدية.
مسرحية الفارس، شفة البوح لقصائد أنشدت للحياة ولونت أجنحة الطير بالفرح والحرية، والانتباهة القصوى بما يحتاجه الوجود الإنساني من قدرة فائقة على تحدي الصعاب ومواجهة الشعاب بأكتاف لا تلين لليباب، هذه المسرحية جاءت تتويجاً لعمل دؤوب قام به سموه في بناء قصيدة كما دأب على بناء دبي، وتحقيق مجدها وتشكيل وجدانها بالينوع واليفوع والسطوع، وهي تنهل من نبع النبوغ الفطري والقدرات العقلية الفائقة في تشييد حصون الحياة وترسيخ دعائم الأمل وتجذير الأمنيات لتصبح واقعاً مزداناً مزدهراً مثمراً متسعاً بالحياة متربعاً على كنوز من العطاء والسخاء والوفاء والانتماء إلى الحقيقة كون الإنسان نفسه مقياس الحقيقة وأصلها وفصلها ونهلها وجدائلها وجدولها.
«الفارس» محاولة للنهل من بعض ما جاء في القصيدة وفي المحاولة مجد التواصل والانسجام مع عقيدة الشعر.