علي أبو الريش
المترددون والمرتجفون والمحبطون، واليائسون والعابسون والقانطون، والمتوترون والمضطربون، والعدميون والدونيون، وأصحاب النقائص وسوء الخصائص، هؤلاء هم عقبة الطريق، ووقود الحريق، وسوء النعيق والنهيق، هؤلاء هم العشب اليابس، والوجه العابس، هم النحس والرجس والنجس، وضيق النفس.. تقدم الشعوب وتطور الأوطان يحتاج إلى خطوات ثابتة، وأعشاب نابتة، وعقول ثاقبة وأبصار ناقبة، وعيون كقرص الشمس، تضيء الأفياء والأرجاء والأحياء، وتضع خيوط الشمس، حريراً تطرز به سندس الناس واستبرقهم.. نهوض الشعوب يحتاج إلى زمن يضاء بالعقول ويلون بأزهار الحقول، ويزخرف بحبات السهول، ولا حياة لشعب من دون التفاؤل المشمول بالثقة، فالإنسان وحده، المقياس والمتراس، والأساس، الإنسان وحده، المقلة والقُبلة والقِبلة، والمنطقة المفضلة لإقامة ترس التطور، وإنشاء وحدة الحماية المركزة لأي وطن يصبو إلى الخروج من شرنقة البدايات، إلى باحة النشوء والارتقاء.
الإمارات، المنطقة الحرة في ساحة الابتكار والاختيار التي أنجزت مشروعها الطليعي، على مدى أربعة عقود ونيف بكل جدارة وتفوق وامتياز.
الإمارات، هذا الزورق المتألق، بمصابيح الرجال الأوفياء والأبطال النبلاء، مشت على رمل اللظى متحدية الصعاب، والشعاب، وأغلظ الأسباب، متبنية مبدأ المجازفة، والولوج في محيط المستحيلات، بقوة الإرادة، وصرامة العزيمة، وصلابة الرؤية، وجسارة الرأي، غير ملتفتة إلى المشككين والمتخاذلين، والمتهاونين، والمتكاسلين، والمتغطرسين، لأن لديها من الرجال الذين ينحتون في صخور الأمل أجمل الصور، ويرسمون على كثيب الحلم، أثر الذين مشوا هناك وتركوا بصمة العز والكرامة، كأشجار الغاف، سامقة باسقة، متألقة متناسقة، لا تنثني ولا تنحني، بل تشمخ وتضمخ الفضاء بعبق سحابات السماء، وترفع النشيد عالياً خفاقاً، كما هي أعناق الرجال، كما هي أشرعة السفن المثابرة.. في الإمارات الوعي يسبق الحلم، والفكر سراج يضيء الطريق، لأجيال تتعاقب، يداً بيد، وكتفاً بكتف، من أجل الإمارات، من أجل وطن، أفراده أبناء لوطن واحد، وأب واحد، أبناء لأم واحدة، هي الصحراء الندية، هي الأعنة التي حطمت أنياب اليأس والبؤس، حتى صار الرأس علماً ملوناً بالحب والانتماء والوفاء لقيادة رشيدة ووطن عتيد.. والمجد للأوفياء.