علي أبو الريش
للمعلم وجه يشبه القمر يضيء ظلام الكون، للمعلم فم يشبه الغيمة تبلل شفاه المعرفة، للمعلم عين تشبه المصابيح تنير مقاعد العلم، للمعلم كلمة هي بداية المعرفة، هي كل الحكاية في توطيد العلاقة ما بين الإنسان والإنسان وما بين الإنسان والوطن.
في بلادنا، صار للكلمة منطقة واسعة، معشوشبة بالأثر والتأثير، صارت على الصفحات أو عبر الأثير، صارت مهد السعادة الوثير، صارت كجناح طائر، يهفهف على رؤوس المتلقين، ويكثر التغريد، يسرد حكاية التطور وأسطورة التغرد واستثنائية العطاء.. والمعلم هو نبراس الكلمة، هو قلمها، وجذرها وسرها ومعناها، هو كل ذلك، لأنه الأول من يلتقي المتعلمين والأول من يفتح صفحات الكتاب ليقرأ ويستقرئ وليسرد ويغرد ويجرد العقل من أوراقه الصفراء.. المعلم هو الطاقة الحيوية التي تسري في الدماء، فتجعلها نقية صافية حامية قوية، لا تبرد ولا ترتد عن مسيرتها باتجاه المعرفة، ونحو أنهار التنمية وأشجار العلو، وجبال الشموخ.. المعلم، منطقتنا الحرة التي ترفدنا بأدوات النجاح ومساعي الصلاح ومناهل الفلاح.
المعلم تخرج من بين يديه طاقات الطبيب والمهندس والعالِم والفيلسوف؛ لأنه الكنف الدافئ والثري؛ لأنه موطن العطاء ومهبط الثراء، لأنه فصل النهوض بالإنسان والرقي بقدراته وإمكاناته؛ لأنه مفتاح باب الفناء الواسع وهو حقله وسهله، وهو مساحته المزروعة بالنبل، المزدانة بأزاهير الجمال وحسن الخصال.. المعلم الطاقة الكامنة التي تتفجر عندما يُكشف النقاب عن قيود تجعله متوازياً مع الآخر متوالياً مع متطلبات الوطن، متكاملاً مع منجزات البلد ومكتسباتها الوطنية.. المعلم يعطي بسخاء عندما يكون الطالب تلميذاً نجيباً، حبيباً لمعلمه، يقابل السخاء بالوفاء، والصفاء بالانتماء إلى كوكبة وطنية هدفها تحقيق الأهداف السامية التي تسعى لها القيادة ويتمناها كل ولي أمر.. المعلم هو من علّم وكلّم بخير الكلم، وصار في مدرسته، في فصله الدراسي، كائناً يخطو بخطوات المرسلين، النابهين، الذاهبين بالمعاني الجليلة إلى أعلى مراتب الحياة.. المعلم هو مكان أحلامنا وسحابة سمائنا وموجة بحارنا وشجرة صحرائنا.. وخصلة على الجبين تترقرق على الحاجب والعين، المعلم كل هذا وأكثر بكثير لأنه المصباح المنير.