علي أبو الريش
في عقيدة الإخوان، الاستيلاء على السلطة بالقوَّة أو بغيرها، فهؤلاء لا يؤمنون برأي ولا برؤية، ولا راية غير راية الاستلاب، واغتصاب الحقوق من أكباد أصحابها، وعندما هبّت رياح الألعاب النارية في الوطن العربي، وجد الإخوان ضالتهم، فانضموا إلى اللاعبين الصغار، وتوغلوا في الصفوف، حتى نضجت الثمرات فحيدوا من حيدوا، واغتالوا من اغتالوا، وصعدوا على سدة الحكم في مصر وتونس مثلاً، فتغيرت سحنة وجوههم، كما انعكف لسانهم، وانعطف لسان حالهم، وانحرف خطابهم، وانجرفت شعاراتهم إلى أقصى زوايا الديكتاتورية، لأنهم لا طاقة لديهم في تحمل أعباء الديمقراطية التي نشرها المتظاهرون لأنهم استخدموا ديمقراطية الصغار، كعربة توصلهم إلى غاياتهم المنشودة، والسيطرة على مفاصل المجتمع وفواصله، ثم البدء في الفرز، وتعرية المؤسسات والدوائر والوزارات الحكومية من أي وجه غير إخواني، وعندما خسر الإخوان السلطة من الجولة الأولى نتيجة للممارسات الغوغائية، انكفأوا واختبأوا، وبدأوا كما كانوا يفعلون العمل من تحت الأرض واتخاذ العنف وسيلة قصوى لتحقيق المآرب، وإعادة ما فقدوه إلى نصابهم .. اليوم نجد في مصر يكثف الإخوان محاولاتهم لزعزعة الأمن وإشاعة الفوضى وكسر شوكة السلطة الرسمية، وتشويه سمعة المؤسسات ونشر شظايا النيران في كل مكان.
وهؤلاء لن يهدأ لهم بال إلا أن يقتنصوا السلطة مرّة أخرى لأنهم لا يستطيعون العيش بسلام مع أحد، ولا يمكنهم الاقتناع بأنهم يعيشون خارج العصر، ولا يصلح منهجهم العدواني لإدارة حكم بلد له عمر النيل، وقامة الأهرامات، وبريق عين المرأة المصرية، وتألق رجالها الأفذاذ، إذاً ما العمل؟ إذا كان العرب يريدون أن يتخلصوا من عدوانية هذا التنظيم، ويحفظوا بلدانهم من شروره، فعليهم قبلاً أن يساندوا الحكومة المصرية في مواجهتها للإرهاب، وأن يقفوا مع الجهود المصرية فعلاً لا قولاً، وأن يحشدوا كل قواهم المادية والثقافية من أجل إحباط هذا المخطط الخطير، وإفشال مشروعاته، الجهنمية، والذهاب، بالفكر الإنساني نحو التعاضد والتكاتف ضد كل ما يمزق القماشة الواحدة، ويهتك عرض الشرفاء ويبيد حضارة ويطيح بثقافة، ويهدم منجزاً ويدمر حياة الناس الأبرياء .. الوطن العربي من محيطه حتى خليجه مسؤول مسؤولية مباشرة في الدفاع عن مصر، لأن الإضرار بمصر هو انكسار لكل العرب، وهو تهشيم اللوحة الإسلامية الحقيقية وتشويه صورتها أمام العالم .. الوطن العربي مطالب بهذه الوقفة التاريخية حتى لا تنبذنا الأجيال القادمة، وتحملنا خسارة ما تفعله الأيدي الملوثة والضمائر الميتة.
الوطن العربي بشرفائه ونجبائه ونبلائه، مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى أن يعد العدّة لكبح جماح الكائنات المسعورة حتى لا تنشر أمراضها وأغراضها في كل مكان.