بقلم : علي أبو الريش
يروي الحكيم الهندي أوشو، أن رجلين كانا في طريقهما إلى الكنيسة، شاهدا فتاة تحاول أن تعبر النهر إلى منزلها الكائن في الضفة الأخرى من النهر، فهرع أحدهما ليساعدها، فحملها على كتفه حتى عبر بها النهر، ثم عاد وتابع مع صديق الطريق إلى مكان العبادة، وقبل أن يدخلا الكنيسة استوقف أحد الصديقين رفيقه، وقال مندهشاً كيف سولت لك نفسك حمل الفتاة على كتفك، فهذا لا يجوز دينياً.. إنها أنثى.. حدجه الصديق، مستنكراً ما قاله، وأردف يا الله، أنا حملت الفتاة وأنزلتها وأنت لا زلت تحملها.
هذه الحكاية تعبر عن وعي الأول، وغشاوة الآخر، وتفسر مدى تراكم الغث من الأفكار التي تطيح السلوكيات السامية، ما فعله أحد الصديقين رفعه الصديق الآخر، لأنه شخص يحمل في وجدانه ما جاء في «معالم على الطريق» لسيد قطب، يحمل في قلبه حقداً دفيناً وزجاجاً مهشماً، وحديداً صدئاً ورمالاً شرسة، وأهواء وأمزجة ومشاعر ملوثة بأفكار لا علاقة لها بالدين، فهذا «المسيحي المتزمت» قال سيده المسيح عليه السلام، «إذا أخذ أحد منك قميصك فأعطه معطفك» وهنا الفرق الشاسع ما بين الدين الحقيقي والدين والوهمي.. ولا يسعد الإنسان ولا يبتهج إلا إذا تخلص من الكراهية، وجلس في منازل التسامح وعَمرُ قلبه بالحب، ليس لشخص ما، وإنما لكل الناس.. فعندما يصبح الإنسان كوردة الصباح ينثر عطره لمن يأتي أو لا يأتي تصير السعادة موئله، والثقة في النفس منطقته المعشوشبة، والإرادة الصلبة شراعه الذي يعبر به أنهار العالم وحسن الخُلق شرشفه الذي يغطي روحه.
هكذا تذهب الإمارات دوماً إلى العالم، وهكذا تفترش الغيمة لتكون بساطاً أحمدياً، وهكذا تغرد الإمارات بصوت صافٍ لا يحشرجه خوف ولا يثخنه حقد.. هكذا استطاعت الإمارات أن تحقق مجد سعادتها، وأن تبني عند منازل النجوم خيمة التألق، وأن تسرد للتاريخ قصة نجاح بلد اتكأت على سواعد العشاق، ورشفت من منابع الإرث الجميل، وارتوت جذورها من ولاء الذين أولوا ولاءهم في مرابع الخير فاختارهم الله بأن يكونوا قادة استثنائيين، وأن يكون شعبهم المثال والنموذج في الانتماء والوفاء لبلده وقيادته.
هكذا أمضت الإمارات في الحب، فأينعت أشجارها، وأزهرت أغصانها، وأسفرت سماؤها بضياء المجد المكلل بالفرح.. هكذا تصرفت الإمارات في علاقاتها مع الآخر، وأول ما اتصفت به الصفح، وفتح الصفحات بيضاء،كي تخط القلوب المحبة قصائدها وفرائدها.. هكذا هي الإمارات لأنها من نسل زايد الخير، طيب الله ثراه، وخليفة المحبة، أدام الله عزه وعز هذا الشعب الكريم.