بقلم : علي أبو الريش
الاختطاف، قد يكون مزحة أو أثر لوثة أو ضمن أجندة مبرمجة مدججة بعدوانية فجة، والأمر سيان في كل الحالات، لأن من يسرق وجدان الناس في ساعة خطف طائرة تكون الأرواح معلقة ما بين السماء والأرض، يكون قد ارتكب جريمة شنعاء ونكراء، فكيف لنا أن نتصور مشاعر الذين حبسوا الأنفاس وارتجفت أوراحهم وأطرافهم وصاروا في حالة اللاحياة واللاموت، والسبب في أن شخصاً ما مشحوناً بالحقد والكراهية أراد أن يخفف من وطأة الحقد في داخله، ففكر في أبسط وسيلة رغم الإجراءات المعقدة التي تتخذ بحق كل من ينوي السفر على متن طائرة ما، إلا أن هذه الإجراءات لا تخلو من الثغرات لكونها عملاً بشرياً يحتمل الصواب والخطأ.
فإذا كان الشخص قرر أن ينفذ عمليته الإجرامية، فإنه سوف ينتحل شتى الطرق كي يصل إلى مرماه ويحقق هدفه، وهذا لا يحتاج إلى ذكاء بقدر ما يكون لوسائل الكراهية أدواتها العقيمة والقميئة التي من خلالها يتم اتخاذ قرار ارتكاب الجريمة.
ويعرف الخاطف أنه لو نفذ عمليته فسوف يموت قبل غيره إلا أنه يمعن في ارتكاب الجريمة لأن أمثال هؤلاء يكونون قد وصلوا إلى مرحلة قصوى من الدونية والعدمية ما يجعلهم لا يبالون ولا يرأفون، ولا يخافون، فهم أموات وليسوا أحياء.
البعض استلطف والبعض الآخر استعطف قضية خاطف الطائرة المصرية، ولكن هؤلاء لا يستوعبون ما بين سطور هذه الجريمة، فلو فكر كل شخص لديه مشكلة خاصة في اختطاف طائرة أو تفجير نفسه وسط حشد من الناس، فسوف تصبح الحياة فوضى عارمة، وتصير الأرض مقصلة للأبرياء، وتتحول العلاقة بين الأفراد إلى علاقة خوف ورعب.
أعتقد أن من يفعل ذلك، فإنه مجرم، لأنه قاتل، ومزهق أرواح، الأمر الذي يستدعي رفض هذه المشاعر الكريهة ومقتها ومحاربتها والبحث عن الأسباب الجلية لحلها، لأن من يخطف طائرة حتى وإنْ كان لمجرد خدمة، فهو لا يختلق مجالاً من الأحوال عما تقوم به «داعش»، بل إن الأعمال الفردية أصبحت وليدة وإفرازاً من إفرازات المشاعر الداعشية.
لذلك لا بد من الإصرار على مواجهة مثل هذه الظواهر بحزم وردعها بحزم، ولا تهاون، ولا تخاذل، ولا انحياز لمشاعر ما في لحظة ضعف أمام ظاهرة شخصية لخاطف قد لا يكون منتمياً إلى الفكر البغيض، ولكنه بوعي أو لا وعي، هناك بذرة شيطانية وقعت به لأن يفكر في مثل هذا الخطر، وبالنسبة للطائرة المصرية لولا فطنة قائد الطائرة، ومحاولته ترويض الخاطف، لاختلف الوضع وتحولت المزحة إلى جرح عميق، وخسارة فادحة.