بقلم : علي أبو الريش
أوروبا المتوجسة من خوف وحيف إثر الضربات الإرهابية في عمق القارة العجوز، تفتح نافذتها مشرعة للإمارات، ترحب بكل شغف بهذا الكيان الإنساني الفريد والتليد والمجيد، والاستثنائي بكل ما تحمل الكلمة من معنى..
الإمارات ضيف خفيف الظل على كل بلد في العالم، شرقه أو غربه، ومشاعر الناس جميعاً من أقصى العالم إلى أدناه، مزخرفة بالحب تجاه الإنسان الإماراتي، وهذا الإحساس مبني على ثوابت وأنساق اجتماعية وثقافية، تبناها الإماراتي ليصبح معشوق بني البشر.
فالبلد الذي يضم في كنفه ما يعادل مئتي جنسية من أصقاع العالم وبقاعه، هؤلاء جميعاً يعيشون على كفوف الراحة، متمتعين بأشواق البلد الرحيبة، وهم غزلان الحياة ترتع عند عشب الإمارات القشيب، والجميع يكحل العيون بأثمد الطمأنينة وبذخ الحياة وثراء المعاني الجميلة، ورخاء القيم العالية، هؤلاء عندما يعودون إلى بلدانهم، لا بد أن يحملوا في صدورهم الصورة المثلى للبلد الذي عاشوا على أرضه، وترعرعوا حتى تعملقت أشجار الحب في قلوبهم، وتسامقت رايات العز في وجدانهم، إذا ليس غريباً أن يعلن باتريسو فوندي سفير الاتحاد الأوروبي في الإمارات، ترحيب أوروبا بالإماراتيين، وهذا في الحقيقة ما زرعه زايد الخير، طيب الله ثراه، وعلى أثره سار خليفة الأمل، ونحن اليوم نحصد هذا الإنجاز العظيم، ونهنأ بثماره، ونعيش عصراً ما عاشته حضارات ولا أمم.
عندما نسمع أو نقرأ مثل هذا الكلام على لسان حال من فاقوا الأمم في تطورهم ورقيهم في مختلف المجالات، نشعر بالفخر والاعتزاز، لأن بلادنا تجاوزت مرحلة النمو لتصل إلى مرحلة الحداثة في المعطى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، هذا الإنجاز يجعلنا نتعلم الكثير، وأول الدروس التي يجب أن نتعلمها أنه لا مستحيل أمام الإرادة، ولا عقبة أمام العزيمة ولا معضلة أمام الانتماء الحقيقي إلى الوطن، وبالتالي لا بد أن نعلِّم ما تعلمناه لأبنائنا لأنهم نجوم المستقبل، ولأنهم الخطوات التي ستلي خطواتنا، ولا بد أن تُعزز مشاعرهم بالجدية والإخلاص، ولا بد أن تُدعم مشاعرهم بالحب لكل الناس، ولا بد أن يحقنوا بأمصال المناعة من كل غث ورث.
فالدولة فعلت كل ما يجب أن يتم فعله من أجل المكوث في وجدان العالم، زهرة فواحة، واليوم يأتي الدور على كل مواطن، صغير أو كبير، والدور يتركز على التحلي بقيم الآباء المؤسسين، والانصياع للضمير الأخلاقي كوازع ورادع ومانع من أي خلل أو زلل، ومقياس الوطنية وحب الإمارات، رهن العلاقة الحميمية ما بين الضمير والأخلاق الحميدة.