أطفال في العزلة

أطفال في العزلة

أطفال في العزلة

 صوت الإمارات -

أطفال في العزلة

علي أبو الريش

خلف جدران سميكة وأبواب مغلقة، يعكف صغار تائهون في غابة الألعاب الإلكترونية، ضائعون في المتاهات العبثية، ذاهبون خلف سراب عالم، يتحرك مثلما هي الفقاعات على سطح بحر هائج.. والعزلة، كائن متوحش يستولي على أفكار الصغار، ويأسر مشاعرهم، ويسبي أفئدتهم، ثم يقودهم إلى حيث تستوطن الأمراض النفسية الكارثية.. فعندما يقضي الطفل ساعات طويلة في غرفة محكمة الإغلاق، لا يسمع إلا صوت الضجيج الخارج من فوهات متوحشة، يصبح الكون قفصاً ذهبياً، يحبس خلف أسلاكه، الطائر الصغير يحرمه من الطيران، ويفقده القدرة على التحليق والتحديق، في عالمه الواسع.. هنا تبدأ المعضلة، هنا يصبح الطفل الصغير بمشاعر بلاستيكية عقلاً إسفنجياً وروحاً جفت منابعها، وتشققت تربتها اليباب، هنا يغادر الطفل عالم الإنسانية إلى عالم الفراغ المتناهي لا يستطيع أن يحب، لا يستطيع أن يبني علاقة سوية مع الآخر، لا يستطيع أن يتحدث مع ذويه، بل إنه يتكون في داخله، كائن غريب عجيب، مريب، يتحاشى التواصل، مع محيطه يتجنب طرح الأسئلة الإيجابية، فما أن تجبره الظروف في الجلوس بين ذويه حتى ويشعر وكأنه مطارد من قبل كائنات فضائية مرعبة، فلا يستطيع المكوث كثيراً بين الأهل، لا يستطيع التجاوب مع الأحاديث الودية، لا يستطيع أن يصمد أمام نظرات الآخرين، فيضطر أن يفر بجلده هارباً من النظرات، فاراً من أسئلة العيون، فيعود إلى محبسه، يعود إلى غرفته، يعود إلى مكانه الذي أصبح طبيعياً، يغوص في المتاهات ويضيع والعمر معه يضيع ويكبر الطفل يصير شاباً، ثم رجلاً لكي يبقى العقل كما هو العقل لم يزل يخيم عند مضارب الطفولة، عند التقوقع أمام الجهاز الأصم والانكماش لذلك فإن هذا الرجل الذي كان طفلاً غير سوي أصبح الآن طفلاً كبيراً لا يستطيع أن يجابه، أعباء الحياة بنضج لا يستطيع أن يحل تشابكات العلاقات بعقلية الناضج، فماذا ينتج.. ما يسفر عن هذا التكوين غير العربي، هو رجل ناكص إلى الماضي متقمص شخصية الطفل المنعزل منكفئ عاجز فاشل فاقد أهم المعاني الإنسانية ألا وهو الحب.. هذا الحب الإنساني الذي تحول إلى شجرة جرداء تغادره الطيور بلا رجعة ولا تسكنه غير عاصفة المشاعر المتوترة، ومن هنا نجد أن علاقات الأبناء العاطفية مع من يصبون إلى تكوين حياة زوجية، تصبح مثل السراب ينتهي إلى يباب وخراب وعذاب.. لأن ما بني على باطل فهو باطل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفال في العزلة أطفال في العزلة



GMT 01:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 01:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب «الجيل الرابع» تخوضها إسرائيل في لبنان!

GMT 01:29 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة الرئيس المنتخب أم الفوهرر ترمب؟

GMT 01:28 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة بدأت في الرياض

GMT 01:28 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة بدأت في الرياض

GMT 01:28 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مسعَد بولس بعد وعود ترمب

GMT 01:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عن قمّة الفرص في إقليم مضطرب

GMT 01:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أولوية مشروع الدولة!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates