علي أبو الريش
في البدء وضعت في حجر القيود وأمةً تحاك ضدها مؤامرات الجسد والحنث المريع، خالفوا جل الشرائع والأديان واغتصبوا الحقيقة حتى أصبحت المرأة في زمن المعاصي الكبرى جارية، حللوا من أجل ذلك أبغض الحلال وساروا بها نحو قوافل الضياع وتيه القيم والمبادئ وبعد أن استكملت الجماعات المتطرفة النهاية المرة للدين، وبعد أن انسلخت عن الدين والدنيا أرادوا للمرأة أن تكون القذيفة المستهلكة التي يرمي بها الواقع لتحرق وتحترق وتذهب إلى الجحيم.. وهؤلاء المتطرفون الذين باستطاعتهم التزييف والتحريف والتجريف والتخريف تمكنوا من غسيل ملابسهم وتعليقها على مشبك المرأة والتي بدورها انصاعت بصراعه، وأذعنت من ضعف والجهل بالدين وأصبحت طوع الأوامر والتوجيهات لكائنات بشرية نصبت نفسها كرادعية وداعية، وبحكم الظرف التاريخي الذي تمر به المرأة صار من السهل الاصطياد في غابة الجهل وصار من البساطة تدوير الحبال حول عنقها واعتبارها ملكية خاصة لمن حور ودور الدين وأدار البوصلة بانحراف حاد نحو التطرف والعداء السافر للمجتمع لتمكين النفس الشريرة من القضاء على حلم البشر وإنهائه نهاية مبرحة، وتحويل المجتمعات إلى دائرة مغلقة تحوم في محيطها شرارة الموت، ومن المؤسف جداً أن يقع بعض «المتحررين» في هذا الفخ الرهيب ويصد قواماً لا يصدق ويعتنقوا فكرة الحرية على أنقاض واقع كان بحاجة إلى الحرية، ولكن بمواصفات العقل الرزين وليس لهوى النفوس المريضة.
المرأة أمها وأختنا وزوجتنا وحبيبتنا لا يمكن أن تصبح كرة النار التي تدحرج في وجه الواقع، فبدلاً من أن تكون المربية الفاضلة تصير اللعبة القاتلة بيد من لا يتحالف إلا مع الشيطان في سبيل هدم معبد التقوى والصلاح الإنسانية ورقي الحضارات.. فحواء التي صنعت غد البشرية يريدونها كتلة الجحيم التي تحرق القلب وتعكر صفو الدرب.