بقلم : علي أبو الريش
بين عشية وضحاها، أُبتليت الأمة، بآفة العبثية، وصرنا ندعو آناء الليل وأطراف النهار، بأن يكشف الله الغُمّة وأن تزول النقمة.. وتنفرج الأحوال، وتذهب الأهوال، وتستعيد الأوطان العربية مجدها، ويسفر وجدها، وتنعم الشعوب بالفرح، ويبرأ الجرح، ويعم الخير ويصفق الطير، لأحلام ترعرعت وأيام أزهرت ويعود من تشردوا إلى ديارهم، وينام من تفجعوا في أوطانهم ويخرس الكذب، وتطرس الكتب، ويشيع السلام، ويعم الوئام، ويذهب الأطفال إلى مدارسهم من دون خوف، وينتظر الآباء أبناءهم من غير رجف، وتخبز الأمهات لصغارها رغيف الحياة، وتبتسم الأزهار في الصباح لمن عادوا من شتات ويعلو صوت الوطن فوق كل الجهات ويندحر القتلة والأوغاد والطغاة.
ندعو آناء الليل وأطراف النهار، بأن يعود اليمن إلى اليمنيين، والعراق إلى العراقيين، ولبنان إلى اللبنانيين، وسوريا إلى السوريين، وليبيا تخرج من وضع الصولمة، والغربلة، والزلزلة، والجلجلة، والبلبلة، وأن لا يصبح البحر المتوسط سمكة قرش كبيرة تلتهم الأبرياء، والضعفاء ومن جار عليهم الأهل والأقرباء.
ندعو أن يعود مرشد الملالي إلى رشده، ويعرف أن الله حق، ويعرف أن حبل الكذب قصير مهما طال أمده، وأن التاريخ كفيل أن يعيد الأمور إلى نصابها، وأن العرب وإن ضعفوا أو وهنوا أو تراجعوا، فهم كالنخلة تموت واقفة فلن يندثروا ولن يتلاشوا من الوجود، ففي عصور مضت لقوا ما لقوا، الاحتلال، والاستلاب، والاغتصاب بدءاً من تتار آسيا حتى «مغول» أوروبا، ولكن إرادة الشعوب إذا استيقظت، فهي الطوفان الجارف، والوتر العازف على لحن الخلود.
ندعو ملالي إيران أن يتعظوا من سقطات التاريخ وضرباته القاصمة، ومن لعنات الزمن العارمة، ويكفي هبة واحدة في اليمن وبعاصفة الحزم، أن تكون جرس إنذار للجارة الماردة المتمردة والقادم أخطر، لأن الظلم لا يستديم والغدر لا يستقيم والتحايل على مصائر الآخرين ما له من نديم.
ندعو أن يتغير وجه العالم، وأن تعم أناشيد الحب، وترتفع رايات الخصب، وينتهي الصخب والكرب، والغضب، ويخرج جان جاك روسو من جديد، ويفتح عقده الاجتماعي ليعلم الناس جميعاً وليس فرنسا فقط، تصير الأوطان زهرة زاخرة، بالحياة والحيوية عندما ينعم أفرادها بالتصالح مع النفس والتخلص من الأحقاد والضغائن والارتفاع بالفكر من التفاصيل القميئة إلى الكليات الجميلة والمبهرة.. ندعو أن يخرج جميع العظماء من قبورهم ليعيدوا الدرس من جديد لعلّ الذكرى تنفع ولعلّ التذكر يشفع ولعلّ التفكر يزيح الغبار عن لوحة الأفكار القديمة. لعلّ الصحوة تأتي بعد الغفوة، وتسفر الأوطان بأقمار التألق.