الجاحدون

الجاحدون؟!

الجاحدون؟!

 صوت الإمارات -

الجاحدون

بقلم : علي أبو الريش

الإرهاب الإيراني الذي أطلق رصاصاته العدوانية في صدور الأبرياء، شاب في الثامنة عشرة من العمر ويحمل الجنسية الألمانية، لا ندري من أي بقعة أو قرية إيرانية جاء هذا الشخص، أنعم عليه بالمأوى والحرية واغتسل من ماء الراين العظيم، شاء أن يكون مثلما جاء، ونحن نعرف البيئة الإيرانية وثقافتها، نعرف أنه ما جاء ألمانيا للسياحة وإنما هرباً من ضيم وغيم وسقم وغم، ولكن كما يقول المثل المحلي «صاحب الطبع ما ينسى طبيعاته» ولكل امرئ من دهره ما تعود.. فإذا به يتحول إلى وحش ضارٍ، يسفك الدماء وينتحر.. في تلك اللحظة نسي هذا السفاح، البلد الذي علّم العالم كيف تنهض الدول بعد حربين طاحنتين أتتا على الأخضر واليابس، وكيف لهذا البلد أن يلم شتات تضاريسه ويجمع شعبه على الخير من دون شعارات جوفاء ومن دون إراقة دماء.
ألمانيا الشرقية عادت إلى الغربية، وعاصمة الشرقية المنبوذة سابقاً أصبحت عاصمة الدولة الموحدة، بعد هدم الجدار ونبذ الكراهية.. هذه ألمانيا التي تستحق الاحترام وجدت من ينقم عليها ومن يسوط أهلها سوط عذاب وينفس عن حقده الذي حمله معه، كما تحمل الفيروسات في قتل الناس من دون ذنب أو خطأ، وكل ذنبهم أنهم كانوا هناك في المكان الذي حضر فيه هذا الإرهابي.. ومن يدري! ربما يكون أحد هؤلاء المغدورين يكن غضباً ورفضاً للممارسات الإيرانية ضد الشعب الإيراني المغدور، ولم لا؟! فهي الشعوب تتعاطف مع المظلوم وتنصر المهزوم، هذه شعوب استطاعت أن تتخلص من حروب الطوائف والممالك الأوروبية، منذ عهد بعيد ومنذ أن نهضت الفلسفات العظمى في عصر التنوير، في وضع الحدود الحاسمة والخلاص الأكيد من كيد الكهنة والظالمين.
بطبيعة الحال كل هذا لم يعن على بال هذا الإرهابي لأنه كان في حالة خدر عقائدي، كان ثملاً بالحقد فأعمى بصره وبصيرته، فخرج من محل هارديز وبعد أن شبع وملأ كرشه باللحم والدسم، اتجه نحو الباب الخارجي ونفذ جريمته بدم بارد ثم انتحر.. أمر عجيب وغريب ومريب، أن يحصل هذا في القرن الحادي والعشرين.. ويعيدنا إلى عصر الفايكنج الذين خرجوا من اسكندنافيا باطشين مغامرين، سافكي دماء البشر بقلوب من حجر.. اليوم يحصل هذا ونحن في أتم وعينا الثقافي وكل واحد وحتى الأطفال يعرفون أن «مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً»، والله أناط بالإنسان خلافة الأرض وتعميرها وإشاعة السلام والوئام بين خلائقها، ولكن الإرهاب خبأ هذه التعاليم في معطف النسيان واستل سكين الموت لأجل أن يغير نواميس الكون ويعيد البشرية إلى عصر الغاب وسلب الألباب. أوروبا حسناء، فاتنة تنعم بالبهاء ولكن من يغط في الظلام لا يرى جمالاً ولا يرى غير نفسه التي عرش في روحها حقد دفين وشيطان لعين.. وسواد حالك ترعرع وتوزع في الشرايين حتى بدا الإنسان الذي يحمل كل هذا الركام مثل جدار متهالك لا يصلح للعيش ولا مجال لبقائه على قيد الحياة، فلا بد من موقف ثقافي عالمي كوني يتحد حوله الجميع للصد والرد وإفشال المخطط الثقافي الموازي، لا بد من تحرك إنساني، بعيداً عن الأديان والألوان والفرق والمزق، من أجل حياة بشرية تحترم الروح التي وضعها الخالق أمانة في عنق الإنسان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجاحدون الجاحدون



GMT 09:41 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أحلامهم أوامر

GMT 14:07 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

العربية هي الأرقى

GMT 14:04 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

في معلوم السياسة في مجهول الكياسة

GMT 22:27 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبراج الإمارات السعيدة

GMT 21:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

في يوم العيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 10:54 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

غوغل تُتيح فتح الحسابات بـ"بصمة الإصبع" دون كلمة مرور

GMT 05:32 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

الملابس المزينة بالسلاسل الذهبية لإطلالة أنيقة في 2019

GMT 02:55 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح معرض الكويت الدولي الـ39 للكتاب الأربعاء

GMT 21:02 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

وفاة والدة عبد الفتاح الجريني بعد صراعٍ مع المرض

GMT 06:08 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

منصور بن زايد يصدر 4 قرارات مهمة في نادي الجزيرة

GMT 03:05 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

رواية "كاراكاس" رحلة بين الثقافتين المصرية والفنزويلية

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

محكمة الأسرة تشطب دعوى تمكين أحمد الفيشاوي من رؤية ابنته

GMT 23:41 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

"آبل" تحضر لمؤتمر WWDC 2013 بتعليق لافتات عن "iOS 7"

GMT 17:32 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

خالد الجريسي نائبًا لرئيس اتحاد الفروسية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates