بقلم : علي أبو الريش
يعتقد البعض أن المبادئ طائرات ورقية، بالإمكان إطلاقها في أي اتجاه، لتصبح محلقة ويصير صاحبها قائداً مُلهماً.. هكذا يفعل الذين أرادوا أن يشذوا، وأن يدخلوا جحيم الفرقة، وألا يعتقوا أنفسهم من نار الخروج على وشم الوطن.
ففي كل زمان ومكان تخرج فئة أو طائفة عن المجموع، وترفع صوت العصيان والنسيان والهجران، معتقدة بذلك أن ما تفعله هو الحقيقة الضائعة التي عثرت عليها ساعة إلهام، هذا الوضع يتكرر الآن نجده في المكان والزمان اللذين نعيشهما، ففئة من الناس أرادت أن تُعرف فأشهرت وشمرت وتورمت وتضخمت، وأخذت زاوية قصوى عند مكان حالك السواد، وقالت للوطن، «أنا ابن جلا» وابن جلا هذا، وقع للأسف في أتون النرجسية، وغاص عميقاً في شوائب الانحراف حتى أصبح الوطن في عينيه بحجم فص خاتم لا يراه عندما يكون في القمة، وفي غربلة القيم العابسة.. أحد هؤلاء الناس، عيسى قاسم الذي وضع إصبعه الملوث على الجنسية البحرينية واستعان بأهواء واغواء وأرزاء وأنواء، وفر راكباً عربة مخلخلة، فانحرفت فيه في دياجير الابتلاء والوباء.
والبحرين كحكومة صبرت وصابرت وثابرت، وانتظرت طويلاً، لكن الذين في قلوبهم مرض لا جدوى من إصلاحهم، لأنهم توغلوا كثيراً في مستنقعات الطائفية، وانغمسوا أكثر في قمامات الأفكار العدوانية، وأول ما يوجهون نحوه سهامهم هو الوطن، كل ذلك من تدبير النفوس التي أبلاها سُم الحقد والكراهية، هؤلاء لا يرون إلا أنفسهم، ولا ينظرون إلا ما فوق رؤوسهم من دامس الظلام، الأمر الذي يجعلهم يتعثرون كثيراً ويتبعثرون كثيراً، وكلما شاخت أقدامهم وترسبت نفوسهم، ازدادوا بطشاً في الوطن، وكلما احتقنوا شططاً ضد الوطن، تمادوا وبالغوا في عدوانيتهم المقيتة، وهذا بطبيعة الحال يدفعهم إلى الاعتصام بحبال واهية يمدها لهم شياطين الخارج، وسماسرة المبادئ وتجار الأوصاف والنعوت..
عيسى قاسم، قد سقط قبل أن تسقط منه الجنسية، لأنه سار في البدء في الطريق المعتمة، فزلت قدماه وانكسر عموده الفقري حين تخلى عن وطنيته، وانحاز إلى باطل المبادئ، ملتفاً بالشعارات الصفراء التي تدهن بالسمن المسموم من قبل جهات تتحدث باسم الدين، وقلبها يضمر الحقد على كل ما هو عربي مسلم.. ولكن حبل الكذب قصير وواه، بل أوهى من بيت العنكبوت، وستبقى البحرين وطن الأشراف الذين يضعون الوطن في اللب والقلب.
وتباً لكل خائن ومراهن على غير الوطن.