الناس في إنترلاكن

الناس في إنترلاكن

الناس في إنترلاكن

 صوت الإمارات -

الناس في إنترلاكن

بقلم : علي أبو الريش

الناس في «إنترلاكن» في هذا الفضاء الشعري المكتوب بالعشب والخصب، سكان الجبال الخضراء مثل الطيور في حبورهم، مثل أشجار خالدة في حضورهم، يرسمون على الأديم اليانع، حضارة أمة وتاريخ شعب، أحبه الله، فحباه بالبريق الذي لا ينطفئ، والأحلام التي لا يخبو وميضها، وأنت الصاعد إلى القمم الشاهقة عبر أجنحة الفرح تنظر إلى المنخفض فتجد عينيك، تسكنان هناك، حيث الكائنات الأزلية ترتب أشياءها وتهذب معانيها وتشذب أغصانها بالأنامل لا بالمناجل، وتحييك وأنت الغريب، فتحيي فيك أخلاق الشجر وقيم العشب ومعاني العفوية بكل بداهة وبلا تكلف.. عندما تقف عند نهر صغير أروته شفة الجبال بالزلال، ومنحته من قلائدها البيضاء الناصعة نبض الأبدية، فتقول يا إلهي كم من الأمد وكم من الأبد مرّ على هذا النهر كقطار عملاق يحمل أسئلته ذاهباً إلى اللانهاية، وموجاته مثل غيماته البيضاء، تلون زرقة الماء وتلحن عند الصخرات خريراً أشبه برنين آلة عود عازفها جاء من عنق زجاجة الأحلام الوردية، هذا النهر.. هذا النهير يمر عبر زقاق في مدينة إنترلاكن مثل شريان قلب دمه ماء ونبضه وشوشة وحلمه أن يصبح الوجود نجمة عظيمة تشع بالبريق، وتكتب أسماء الأشخاص من حبر الماء لكون الماء حبراً سرياً لا لون له، لكن رسالته مفعمة بالأثر والتأثير والمآثر.
في هذه المدينة يبدو الريف السويسري لوحة تشكيلية فنانها أبدي وألوانها من الأخضر وصفاء العيون العشبية.. في هذه المدينة يسكن الخير والطير، ويسكب الشجر حفيفه على الوجنات الملونات فتبدو هيفاء، شهباء، مثل روعة الروايات عند فيكتور هيجو، مثل أعناق الغزلان طالعات إلى السماء، متبتلات، مرتلات آيات السماء وبلاغة العطاء.. عندما تقف عند الضفة لا تجد فرقاً ما بين النهر والبحر، فكلاهما يمنح الوجود سر النبوغ، كلاهما يغدق القلب، النبض والحض.. عندما تقف عند شفة النهر، تتذكر بلاك التي أغرقت الحياة بالعذوبة رغم سطوة الصحراء، فتصير أنت الإنسان الأول المتهجي حروف المعرفة بإرادة النبلاء الذين قهروا المستحيل، ليستحيل إلى نخيل ورائحة زنجبيل وهيل وتين ورمان.
هنا في هذه المدينة المؤلفة بالسكب والنخب وخير النجب، ترتاح أنت أيها القادم من بلاد السلام والحب والوئام، تعانق المشهد المهيب بقلب وعين وضوء اللجين، وتطوق الجمال بذاكرة مثل كتاب فلسفي يكتشف للمرة الألف المعنى في الحب عندما يكون بحجم تضاريس «إنترلاكن» ونداوة عشبها وشموخ جبالها ورسوخ أشجارها التي بدت حارسات لمفردات الكون، أمينات على استتباب اخضراره وينوع أفئدة ساكنيه.

في هذا الجزء من المدينة، تبدو الأفكار مثل حبات البرد، مثل اليافعات يرفلن بالسندس والإستبرق، ويحصدن من الحياة ريقها الرقراق وبريقها التواق وصباها المطوق بأجمل الأعناق والأحداق والأشواق.. في هذه المدينة تتذكر الإنسانية في أول العفوية وبداية الطفولة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الناس في إنترلاكن الناس في إنترلاكن



GMT 09:41 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أحلامهم أوامر

GMT 14:07 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

العربية هي الأرقى

GMT 14:04 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

في معلوم السياسة في مجهول الكياسة

GMT 22:27 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبراج الإمارات السعيدة

GMT 21:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

في يوم العيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 11:31 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 21:36 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 16:17 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

خطوات تنظيف "خشب المطبخ" من الدهونوالأتربة

GMT 15:54 2015 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 4 ألوان يمكن أن ترتديها في مكان العمل

GMT 14:13 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة البطل محمد سعد بعد تمثيل مصر في المسابقات الدولية

GMT 08:00 2012 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

وثائق ويكيليكس وأسرار الربيع العربي

GMT 16:20 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"أبوظبي للسياحة" تطلق معرض "أبعاد مضيئة"

GMT 13:20 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هطولا للأمطار الرعدية فى السعودية الجمعة

GMT 18:49 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

لوحات ضوئية عكست حالات إنسانية ووجدانية في معرض أبو رمانة

GMT 01:53 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

Falcon Films تقدم فيلم "بالغلط" من بطولة زياد برجي

GMT 14:42 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تشيلسي كلينتون تتألق في معطف أنيق باللون الأسود
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates