أوروبا الجميلة صيفها ساخن

أوروبا الجميلة صيفها ساخن

أوروبا الجميلة صيفها ساخن

 صوت الإمارات -

أوروبا الجميلة صيفها ساخن

بقلم : علي أبو الريش

هكذا شاء الإرهاب أن يصبح الثلج ناراً، وأن يصير الجمال سعاراً، وأن تكون السحابات الممطرة غباراً، وأن يغشى أوروبا ختار وعيار مصاب بمرض الانتحار، هؤلاء المشردون، المهووسون، المحتقنون، الناقمون، الحاقدون، جاؤوا إلى بلاد الأخضر القشيب، مدججين بالكراهية مكتنزين، بلا شعور أسود فاحم، نكد متفاقم، مشحون بجينات الموت وهرمونات العدمية والعبثية، فأيا كانت المبررات والمسوغات، فلا حجة لمن يحتكم بالسلاح ضد الأبرياء والعفويين، ما ذنب الطفل الذي يذبح عنوة، ولم تزل لعبته بين يديه، لم يكتف بعد اللهو بها.. ما ذنب امرأة ذهبت لتشتري فستاناً لطفلتها الصغيرة، فتجد من يتربص بها ويرديها قتيلة؟ ما ذنب المتسوقين والسائحين والماشين في أرض الله، أن يباغتوا بطلقة تخفي آخر ابتسامة، وإشراقة صباح تجمدت على وجوههم، كما هي الدماء التي سالت فتخثرت.. وختمت علامة واضحة وصريحة لمدى ما هو الإرهاب، قميء ومقزز ومستفز، ومؤذٍ إلى درجة الهلاك.
ما يحدث الآن في ألمانيا وقبلها في فرنسا وبلجيكا يؤكد أن الإرهاب لا قلب له ولا وطن، ولا هوية غير الموت، والسؤال الآن، من يسعى إلى الموت كيف تتم مواجهته؟ الإجراءات المتبعة والفردية لم تجد نفعاً والإرهاب يتصاعد ويرعد ويزبد ولا يستند، الإرهاب مثل الخلية السرطانية، عندما تتم معالجته بالطرق البدائية، فإنه يُثار غباره وسعاره، فيُنشر في الجسد ويميت، الإرهاب كتلة جحيمية وبؤرة شيطانية، إن تتكاتف الجهود ويقتنع العالم أنه لا حل إلا اقتطاع الجذور، ولا وسيلة إلا الاعتراف بأن هناك ثقافة بدأت تفرض نفسها في غياب الثقافة المضادة.. لا نستطيع أن نتخلص من الإرهاب وهناك فوق وتحت وقوة وضعف، واعتناق الارتداد على الشر، كما تم في سابق العهد في الحروب الصليبية.. الجميع مطالب، الدول الكبيرة والصغيرة، الأبيض والأسود، الفاتح والرمادي، بأن يقفوا وقفة رجل واحد في مجابهة ثقافة الموت، فلا أحد معفي من دفع رسوم الشر، ولا أحد يستطيع أن «إذا سلمت أنا وناقتي ما عليّ من رفاقتي»، لأن النار إن شبت في بيت، فلا بد للجيران والخلان ومن هم في أبعد المحيطات والخلجان، بأن يهبوا لتفادي الخطر الداهم.
نقول إن الإرهاب ليس دافعاً طردياً أيما تم توصيفه، إنما هو ثقافة، تشربت حتى شبعت من الحقن الضلالية، وهناك من يقف وراء هذا الإرهاب ويدعمه، ويعززه ويدفعه لأن ينمو ويكبر، ونظرية هذا المدعم تقوم على تهشيم الأوطان وتحطيم الحضارات ونشر الرعب في الكون كله، لذلك فلا بد أن ينهض الفكر القويم والرأي المستقيم وبكل قوة وحزم والاعتراف بأن ما يضر ألمانيا أو فرنسا أو بلجيكا أو أي بقعة من العالم، فإنه عدوان على الجميع وكراهية ضد الجميع، فانهيار ألمانيا أكبر اقتصادات أوروبا وفرنسا الثالثة بعد بريطانيا، هو خلل في ميزان الحياة الإنسانية هو طغيان وبهتان، في حق البشرية، وعندما نتعاطف مع هذه الدول، فإننا ننحاز إلى أنفسنا لأننا جزء لا يتجزأ من هذا العالم الذي يشكل جسداً واحداً، وإذا اشتكى منه عضو يجب أن يتداعى له سائر الجسد، فالأنانية هي التي مهدت الطريق للإرهاب، واللامبالاة هي التي أشعلت حطب جهنم، وعدم الانحياز السلبي هو الذي شجع المغرضين والمتهافتين للموت بأن ينفذوا مشروعهم العدمي.. فالتحالف لصد العدوان حماية للجميع، والتكاتف عناية بالمنجز الحضاري الإنساني.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا الجميلة صيفها ساخن أوروبا الجميلة صيفها ساخن



GMT 09:41 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أحلامهم أوامر

GMT 14:07 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

العربية هي الأرقى

GMT 14:04 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

في معلوم السياسة في مجهول الكياسة

GMT 22:27 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبراج الإمارات السعيدة

GMT 21:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

في يوم العيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates