بقلم : علي أبو الريش
عندما تكون القيم الإنسانية أعلى بكثير من النزعات الذاتية، يصبح الإنسان مشروعاً كونياً قابلاً لأن يسكن قلوب الآخرين، وأن يحوز على حبهم، فكم مسلماً غادر أهله وبلده، واتجه إلى أوطان غير موطنه، وهناك يتم الفرز، فالبعض صار كأشجار الزينة لا تعيش إلا في الظل، والبعض صار مثل الأعشاب الشوكية، بل سأقول إنها مثل أشجار الداما، مهما أسقيتها، فهي متسلقة وضارة إلى حد الأذى، وقلة قليلة هي التي تتحول إلى أزهار وأثمار تفيد وتستفيد، وتتعايش مع الآخر بنفس مطمئنة، وروح مؤمنة أن الله حق.
صادق خان من أولئك الذين وجدوا طريقهم إلى النجاح، من خلال الحب والتداخل والاندماج مع الآخر، بوجوه لا تعرف الاكفهرار، وقلوب لا يكتنفها السعار.. صادق خان، من هذه الأزهار التي جيء بها من باكستان، فأينعت وازدهرت بعبق ونسق واستطاع هذا الرجل أن يحقق أمنياته، ويصل إلى طموحاته، كما هي الطيور المهاجرة الباحثة عن موئل وفضيلة.. صادق خان ينبغي أن يكون مثالاً لكل مسلم، تطأ قدماه أرض الآخر، ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى رجال مسلمين، لا ترجفهم راجفة تعصب، ولا ترعدهم راعدة تطرف، نحن بحاجة إلى عقولنا التي تسافر إلى المناطق البعيدة أن تحمل معها عطر الإسلام الحقيقي وسجاياه، وخصال الأوفياء الذين أسسوا الوطن المثالي على أضلاع الحب، والصدق والإخلاص.. اليوم تباشر عصابات القهر والسلب والنهب، وتشويه الحقيقة، وبعث رسائل مفعمة إلى العالم، تصور الإسلام الحنيف على غير صوره المثلى وبخلاف تعاليمه السمحاء.. اليوم نحن مطالبون أن نكون رسل سلام ومحبة لندحض ما يلفقه المغرضون وما يدسه المفترون، وما يفعله المهاترون، وما يرتكبه المجرمون بحق الإسلام والمسلمين، نحن مطالبون أن نشد على أيدي كل من يشرف العالم الإسلامي بمواقفه السليمة، وسلوكياته القويمة، لأن هذا هو السلاح الوحيد الذي يهزم المتربصين، والمتلصصين، والمخاتلين والذين يمارسون البغي والطغيان، بطرق مختلفة وملتوية، وبأساليب جهنمية بغيضة، وهؤلاء علينا أن نواجههم بالثبات والثقة، وأن نؤازر إخواننا الذين يقدمون للعالم صوراً مشرفة عن الإسلام، وشفافيته وحيويته وحميميته، واتساعه لكل الأجناس والأعراق من دون تفرقة أو تمييز. يجب أن نواجه المتلونين ونكشف نواياهم وجناياتهم، لنحمي ديننا، ونسلم من كراهية الآخر لنا.. ما يحصل اليوم من تفخيخ للإسلام هو بدعة من بدع الذين أرادوا أن يكونوا حطب جهنم، والذين يتخيَّلوا أنهم امتلكوا الحقيقة فنصَّبوا أنفسهم أوصياء على العالم، فإذا بهم يصيرون معاول هدم وردم.