بقلم : علي أبو الريش
نجدت أنزور، مخرج تلفزيوني سوري، أخرج الكثير من المسلسلات التلفزيونية، التي لاقت شهرة عربية، ولم يكن هذا الأنزور معروفاً لدى الساحة العربية، ولم يكبر ولم يتضخم، ولم يصبح بحجم المسلسلات التي أخرجها إلا عندما أطل على الشاشات الخليجية، وبدعم ومؤازرة دول الخليج، ودفعهم بفنه، كي يصبح فناً معززاً بالتقنيات العالية القيِّمة. اليوم وبعد اختلاط الحابل بالنابل، وبعد أن شقت القنابل في سوريا صدور البعض، وأظهرت الحقد الدفين، يخرج علينا هذا المخرج باتهام «المال الخليجي» أنه سبب دمار المنطقة. نتعجب من مثل هذه التخرصات ونُصاب بالدهشة، عندما ينسلخ الفنان من فنه، ويخرج على زمنه، ويصير وحشاً ضارياً، يطيح بالثوابت، ويلغي ضميره، بل يضعه في العناية المركزة، ويكشف عن وجهه القبيح، ويتهم من ربوه، وأعانوه، وساندوه، وعززوا مشروعه الفني، باتهامات باطلة لا تعبر إلا عن سوء المرحلة التي نمر بها، وعن التشويه الذي أصاب الكثيرين، جراء العدمية والعبثية التي ألمّت بالشعوب، وأثر التشققات التي لحقت بوجدان الكثيرين، الذين لم يكونوا محصنين بالقيم الكافية، التي تمنعهم من القذف والحذف وعض الكتف.
نجدت أنزور على إحدى القنوات الفضائية الشائهة، بصق في وجه التاريخ، وركل الجغرافيا، محتدماً متبرماً، قاتماً معدماً مفعماً بالكنايات الملتهبة، والغوايات الشاحبة، ضارباً كل الأصول والفصول عرض الحائط، متناسياً أن من خرَّب المنطقة هم أولئك الذين يتشدقون بالأوهام، والذين باعوا الأوطان للهوام، والذين بايعوا الشيطان بأبخس الأثمان، وأعلنوا عصيانهم على الحقيقة، متوشحين بأردية ملوثة لا تمت إلى العروبة ولا إلى الإسلام، كان بودي لو أن نجدت أنزور استخدم حساسيته الفنية في توصيف الواقع السوري بكل شفافية، بعيداً عن الانزواء خلف حجب الكلام الملغوم والبوح المسقوم، نحن نعرف أن الشعب السوري يمر في أسوأ الحالات، ولكن هذا لا يعني أن نلقي الاتهامات جزافاً، ويبتعد صاحب التوصيف عن الحقيقة ليقف عند حافة التشويه، ويعلن صراحة أنه خرج عن نطاق المنطق، ودخل في باطن النفق المظلم. كان بودي لو أن أنزور ابتعد عن الخربشات الطفولية، وعكف على عمل درامي، يشرح الحالة السورية ومعها الحالة العربية، حتى يكمل مشواره الفني بشرف لا بقرف.
في الحقيقة، سوف نسمع الكثير من مثل هذا الزبد، لأن الحالة العربية أفرزت دمامل وقرحاً وجروحاً، ولكن كل هذا سوف يذهب جفاء، لأن الساحة الخليجية العربية نظيفة، ولا تحتاج إلى شهادة المرضى والملوثين والمشوهين، والقابضين على جمرات الحسد والنكد.