أيام الشارقة الثقافية

أيام الشارقة الثقافية

أيام الشارقة الثقافية

 صوت الإمارات -

أيام الشارقة الثقافية

بقلم : علي أبو الريش

في الشارقة أيام تمضي باتجاه النهر، وفي أحشاء قاربها يكمن السر، وشراعها يرفرف ببياض التاريخ، وزخمه التراثي.

في هذا الاحتفاء البهيج رجال دأبوا على إرواء الحياة بماء الذاكرة الحية، ويرسمون على الأرض صورة الإنسان الذي نحت بأصابعه لوحة الفن الأصيل، وأشاع في الوجود معنى التضحية من أجل أن يكون هو والآخر في سفينة واحدة يعبران المحيط، ويروضان الموجة، كي لا تخفق بالهلع.

في أيام الشارقة التراثية، الماضي يسري مثل الماء في الذاكرة، ويمد يداً ناصعة من غير سوء باتجاه الحاضر، ويغدق المستقبل بأحلام أزهى من زهرة اللوز، وأماني مزخرفة بالثقة والأمان، وكم هي رائعة هذه المرأة كبيرة السن، وهي تخفق الدقيق بالماء كي تصنع رغيف الحاضر، مغموساً بملح الأمس، وكم هي شائقة هذه الرقاقة الشفيفة، وهي تشف برائحة الأمس مغسولة بجمرة الأيادي المعروقة، وأحلام الشجرة السامقة في فناء البيت القديم.

أيام الشارقة التراثية، عود أبدي لفلسفة المكان، وبوح الزمان الإماراتي الجميل، هنا في هذه الأيام المشرقة بوجوه الساعين صدقاً لتكريس واقع ما كان له أن يصمد في وجه الموجة العارمة، لولا جهود المخلصين الكادحين في وضح النهار، وعند إغماضة الليل لأجل أن يبقى الماضي حاضراً، وأن تستمر الذاكرة في اليقظة، ويهنأ الإنسان بغذائه الروحي من دون منغصات، أو نسيان، ومن دون ترهل أو تساهل، أو تجاهل، لأننا في حضرة الذاكرة تورد بساتين وعينا، وتزدهر حقول حياتنا، وتنمو أعشاب أنهارنا، وتورق أغصان التين والزيتون، وتبدو أحلامنا مثل عيون الغزلان، وأمنياتنا تفوح بعطر الزعفران، وكبرياؤنا نخلة لا تجف خصلاتها عن البلل، وتاريخنا مثل سدرة عصافيرها نحن العشاق، الذين تترعرع مشاعرنا عند نجود هذه التفاصيل في ماضينا.

في أيام الشارقة التراثية، تمشّى الماضي بخيلاء، وسار التاريخ بأناة وتؤدة، والإنسان راعي وجودهما، يستلهم من أيامه أمصال الاستمرارية، ومن مآثر الطيبين، النبلاء يروي عطش النخيل، ويسقي جذور أشجار السنط، والأكاسيا، ويلون قماشة أفراحه، بمتحف الشارقة الذي كان صندوق الأمان، ومحفظة الذخيرة في زمن سرعته تفوق سرعة الصوت، وضجيجه يخترق الجدران والوجدان.

في أيام الشارقة التراثية، بدا الحلم يمضي كالشلال في طريقه إلى مزرعة القلب، وكان الناس يجوبون المكان كمن يتأمل وجه حسناء ازدانت بوقار وحشمة، وكينونة لا يتربص بها الوجود ولا يقلقها زمن، لأنها في صلب الزمن ترتشف رحيق الحياة، وتخطب ود ذاكرة وفية لا تخون، بل تصون وتحتضن وجدان التاريخ بمشاعر أكثر دفئاً من جنح الطير، وأكثر بياضاً من موجة البحر، وأكثر سموقاً من نجمة السماء، وأكثر رهافة من غيمة الشتاء.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيام الشارقة الثقافية أيام الشارقة الثقافية



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates