يوم مضبب

يوم مضبب

يوم مضبب

 صوت الإمارات -

يوم مضبب

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

يوم مضبب بدت فيه السماء كائناً عملاقاً موشحاً بنطاق الحرير الرمادي، والشارع الممتد من مدينة خليفة حتى أقصى مركز العاصمة، اعتنق فكرة الزحف على حبال زلقة.
وحدهم الحمقى، والمهووسون، والقابعون في أواني الطيش، والراسخون في عقول أشبه بصحون معدنية، الذين يقبضون على معصم الطريق، كأنهم يقتادون منفلتاً من عصمة التأني، هؤلاء الذين يمسكون بتلابيب الصباح وكأنهم ذاهبون إلى مهرجان سباق الثيران، وهناك على طرف خفي، وعند الهوامش يمضي العصاميون من موظفي الدرجة الثانية أو الثالثة، هؤلاء يضعون الأيدي على الصدور، خافقين بألم الخوف، ليس من الضباب، وإنما من حماقة المتهورين والذين يحتلون الشوارع، كما هي جحافل سادرة، وعند كل موقف، أو إشارة حمراء، يتنفس العصاميون الصعداء، ويضعون نصب أعينهم اتجاه ما بعد الإشارات، وينظرون إلى حيث يلبد شخص ما خلف مقود سيارته، ويتربص باللون الأحمر كي يختفي، ويبدأ نهاراً عاصفاً، خاسفاً، ناسفاً، متعسفاً بمشاعر الآخرين بقلب يشبه كتلة مطاطية ضربتها شمس القيظ.
وآخر يقف بجواره يحمل بين ثناياه، قلباً رهيفاً، ممزقاً من شديد الخوف، بالضباب يهبط على رأس الخليقة كمظلة شاسعة، ويخيم على المكان في صورة محتل فضائي، قاصم للفرح، مهيض الأرواح منسكب كأنه الفيض البغيض، ولا شيء يمنع هذا الشال الغليظ من كبح الرؤية، وإشاعة جو من انحسار الشارع، وزوال معالمه، وتلاشي خطوطه البيضاء والتي استحالت إلى عدم مريع.
العصاميون يحاولون تلمس الطريق عبر ذاكرة سالفة، وعن طريق صورة قديمة، وبعقلية الكمبيوتر الغريزي، ويمضون في أناة، وتؤدة، ويحملون بين صدورهم صور الأبناء، والزوجة الذين ودعوهم عند عتبة باب المنزل، ويقطعون الطريق، في سيارات تسير بخطوات أقرب إلى خطوات أطفال في بداية القفزة الأولى، والوثبة ما بعد الحبو، بينما حمقى كثيرون ينظرون إلى هؤلاء المتمهلين بشذا، ونظرات عدائية، مؤنبة هذا السلوك، معتبرين ذلك عرقلة لطيشهم.
وبعد حين تسمع سحيق عجلات، وصدى لطمة ترن لها أذن الأرض، وتصطك لها أسنان النجوم، في السماء. يا إلهي ماذا حدث؟ لقد تهشمت مركبة، عند الناصية إثر اصطدامها بكتلة خرسانية عند طرف الشارع.
لا شيء يرى في ظلام الضباب، ولكن حشرجة الحشود، تدل على أن حدثاً جللاً قد حل وصفير سيارات الإسعاف يشير إلى وجود ضحية، أو أكثر، وتقول أنت اللهم لا شماتة، ولكن ليس الطيش، والاستهتار بالعقاب، سوى إزهاق أرواح، كان لها الحق في العيش بسلام، على أرض وطن هيأ للناس أجمعين الحياة الشريفة، والآمنة، ولكن للأسف هناك من لا يزعجه شيء أكثر من السعادة. والله المستعان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم مضبب يوم مضبب



GMT 02:01 2021 الجمعة ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ما يجب ألا ننساه في صخب مؤتمر أربيل!

GMT 01:59 2021 الجمعة ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لا النظام ولا الدستور

GMT 01:58 2021 الجمعة ,01 تشرين الأول / أكتوبر

... يستبقون الحرب على الصين بتطويقها بحرياً!

GMT 01:58 2021 الجمعة ,01 تشرين الأول / أكتوبر

وعد الحر دين عليه

GMT 01:57 2021 الجمعة ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الخلاف حول اليمن

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates