المحفظة لم تزل سمينة

المحفظة لم تزل سمينة

المحفظة لم تزل سمينة

 صوت الإمارات -

المحفظة لم تزل سمينة

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

بعد شهر من العزلة، وبعد الاحتباس الحراري الذي عانى منه الرجل، كما عانت أسرته وبالأخص الزوجة الكريمة، يفتح الرجل محفظته، ويجلس في زاوية من صالة الجلوس ويعد النقود، ويجد أن المحفظة تحتفظ بسمنة عالية الوحدة، ولم تمسها يد، ولم تطلها حمى الفريغ، يبتسم الرجل، وينظر إلى زوجته التي نفخت شدقين، واقتعدت مخدة قطنية ملتزمة الصمت، منسجمة مع أحداث مسلسل رمضاني، ثم خبأ الرجل المحفظة، وفتح دفتر الحسابات البنكية، وصار يحسب، ويضرب، ويقسم، وهو يردد أنفاساً من صدر تخفق رئتيه كجناحي طائر، كلما لاحظ الرجل أن الرقم في ازدياد، على خلاف الفترات الماضية وقبل جائحة كورونا، حيث كانت في ذلك الوقت، الأرقام تتناقص، ولا تحل نهاية الشهر حتى يبدأ الرصيد مثل بئر نشفت مياهه.
طوى الرجل دفتر الحسابات، وأسند ظهره على كتف الأريكة، ونظر إلى الزوجة التي كانت في عالم آخر، قال في سره، والله لولا هذا الوباء لما جلست هذه الجلسة، ولكنت الآن وفي مثل هذا الوقت من مساءات أبوظبي تهيمين في أحد المولات، وأنت ورفيقات الدرب، ولكن رب ضارة نافعة، فهذه الجائحة بكل ما جلبته من كوارث إلى البشر، إلا أنها أيضاً جاءت بمحسنة، أنقذت جيوب الكثيرين من أمثالي حتى صارت المحافظ ذات الجلود النحيفة، تتمتع بسمنة، تدل على رخائها الاقتصادي.
على الرغم من التغيرات الكئيبة التي أضفتها الجائحة على عادات الناس، وما جلبته لهم من ملامح على الوجوه، تشبه سواحل البحار في أوقات الجزر، كما أنها حولت المنازل إلى مقابر في بعض الأحيان، نتيجة للشعور العام، بقسوة القيد، ولكن لم يمنع الظرف القاسي من شعور الإزواج بفرحة مكتومة، كونهم أصبحوا، يملكون جيوبهم التي كانت في سابق العهد، مملوكة لغيرهم، «للزوجات».
لذلك أعتقد أن كل الأزواج، يمهدون الطريق، ليوم قريب تنفرج فيه الأمور، ويستعدون لفرار الطيور من الأقفاص، وهنا سوف يحتاجون إلى قدرات فائقة على تحمل عديد الطلبات، والتي ستكون تعويضية بالنسبة للزوجات، والأخذ بأسباب الأثر الرجعي.
أعتقد أن الآن كل زوج يفكر في حمم الفترة القادمة، وكل زوج يهيئ نفسه لما سيسمعه من نشيج يمزق القلب، وذلك من أجل تعويض ما فات، ومن أجل الانتقام من الجائحة، والثأر لزمن مر من دون رؤية البريق في واجهة المحلات الكبرى.
إذن على كل الأزواج أن يتقبلوا الأمر الواقع، إن أرادوا أن يظفروا، برفة رمش ترطب قلوبهم، وإلا عليهم تحمل جفاف مراحل ما بعد الجائحة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المحفظة لم تزل سمينة المحفظة لم تزل سمينة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:15 2015 الأربعاء ,25 شباط / فبراير

تنحي برلماني بريطاني بارز بسبب فضيحة رشوة

GMT 08:26 2013 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

"قيامة" مجموعة روائية تتناول علاقة العلم بالإيمان

GMT 21:24 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سلافة معمار مثيرة في أحدث جلسة تصوير بعدسة بو منصور

GMT 14:49 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

6 نصائح من خبراء الديكور لغرف نوم مميزة لأطفالك التوأم

GMT 05:00 2019 الإثنين ,15 تموز / يوليو

بان كيك بالشوكولاتة

GMT 23:03 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

الأهلي يواجه طلائع الجيش في دوري سوبر السلة

GMT 08:28 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

موديلات بليزر مخطط لإطلالة نحيفة للمحجبات في موسم الشتاء

GMT 00:51 2016 السبت ,13 شباط / فبراير

Tiffany & Co تحمل هدايا يوم الحب لكِ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates