بقلم : علي أبو الريش
بعض الأحلام أضغاث، وبعضها قناديل تضيئك، وتجعلك تذهب إلى الوجود بقلب تزهر فيه الأغصان، وتزخر بساتينك بأجنحة الطير الحبور، تجعلك نهراً ماؤه من زُلال الربيع المخصب بأوراق الرفرفة، تجعلك في كل يوم تولد من جديد، ولا يخالجك الكدر، ولا يعتريك الهم، ولا يعترض طريقك شائك ولا كأداء، ولا ينتابك وجه الشك في أنك ستبوء إلى الفشل، في أي توق أو شوق.
حلم يشبه الحقيقة، هو حلمك عندما تكون في غاية إيجابيتك، عندما تكون في صميم وجودك، وليس خارجاً من دائرة الحياة. حلمك يشبه الحقيقة عندما تخرج إلى منازل الناس وأنت مجلل بخلاخيل التفاؤل، عندما تكون متوجاً بوسام الأمل عندما تغادر مناطق جهلك بقدراتك، عندما تسكب على حطب النار، وقولك الذاتي كي تطهو طموحاتك بأناة وتؤدة، عندما ترسم صورة للواقع بواقعية، لا تقفز على المراحل، ولا تحرق أثاثها، بشطط النفس الواهمة، عندما تكتب التاريخ بحبر لا برشح سواده على ثيابك، ويجعلك مشوهاً، عندما تمتطي جواد السفر البعيد وأنت في العروة الوثقى، وفي المنطقة الخصيبة، بأفكارك الناصعة.
يكون حلمك أشبه بالحقيقة عندما تضاء مشاعرك بوعي يسبق الأسئلة، وتدرك أن اليقين خارج الوعي كائن أعمى، يذهب بك إلى النفايات، وتحسب أنها مزارع الورود، وتظل هناك بين الرثاثة تبث شكواك ونجواك، ولا مسافة بينك والضواري والقوارض، فالأشياء تتشابه عندما تعمى البصيرة، وتصبح العيون مثل من يضع النظارة السوداء في غرفة مظلمة
. أحلامك تخدعك عندما تكون أنت خارج الإدراك، وتكون هي أضغاثاً، وينقلب الوجود إلى ثقب إبرة، وخيط الأمل بحجم حبل المراسي.
أحلامك الزاهية تودعك، عندما تكون أنت في الصحراء، ومشاعرك شجرة جرداء خاوية، وتكون الطيور من حولك طائرات ورقية بلا معنى، والغبار هواؤك الذي ينسل إلى رئتيك. عندما تسقط ورقة من عمرك، وأنت في الغياب الأبدي عن دورة الزمن، وأنت في المثول أمام أسئلتك الغامضة، ونظرتك المبهمة.
أحلامك الرائعة تمط بوز الأسى عندما تكون أنت لا زلت تتهجى طريقك إلى الاستنارة، وتكون صفحتك مليئة بالخربشات، وبعض الرجفة في أصابعك.
أحلامك لا تشبهك عندما تتشوه أنت بالرواسب وحثالة قهوة بائتة.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد