بقلم : علي أبو الريش
بتلاقي النهرين، تروى الفصول والأصول والحقول، وتصير الجغرافيا سجادة فرح ملونة بالازدهار والأزهار والإبهار، والتاريخ يحتفي بالقابضين على جمرة الحب، يسيرون بالركب نحو حزم وجزم وحسم، وحلم يلون الواقع بألوان الفخر والاعتزاز، ويخصب الوجدان بأشواق العشاق، الذين وضعوا الأوطان ما بين الرمش والرمش، وشيدوا البنيان ببيان وبنان، وأعلنوا للناس أجمعين أن عناق الأرواح كبح لجماح، ومنع لجراح، وحياكة نسيج العلاقات بخيوط الحرير، يهنأ بها الإنسان في كل مكان على مر الزمان.
المجلس التنسيقي الإماراتي السعودي هو الصد والرد، وهو الحد والند، وهو الجد والكد، وهو المناعة لكل باغ ومعتدٍ، وهو الطريق إلى بناء وحدة عربية راسخة شامخة من غير شعارات ولا بهارات، إنه مجلس الشرفاء الذين عاهدوا الله أن يكونوا الضمير الحي لهذه الأمة، وأن يكونوا النهر الذي يسقي عروق التاريخ العربي، ويعيد للجغرافيا مكانتها ورزانتها، وبريقها وتألقها، ونطاقها الواسع في التأثير، وصنع القواسم المشتركة مع العالم في بناء الحضارة الإنسانية، من غير عدوان ولا امتحان، ومن دون شعار ولا سعار، إنه المجلس الذي يضع في الحسبان مصالح الأمة، ومصير الشعوب، وحقوق المظلومين، وسيادة الدول، ويفشل جل مشاريع التجزئة والعدوان، والبطش والطغيان.. المتربصون والمغرضون سوف يحسبون ألف حساب إذا ما فكروا في الخربشة، لأنهم يعرفون أن هناك رجالاً يقظين، متوثبين، ساهرين، جاهزين لأي احتمالات تطرأ ولأي تدخلات يحيكها المشاغبون والعبثيون، والعدميون والظلاميون، وأعداء الجمال، أعداء الإنسان، أعداء الحضارة وطمأنينة الناس..
هذا المجلس في الخلاصة سحابة المطر، ومسند الظهر، وقنديل الليل وضوء القمر، هو في فكر زعماء البلدين، الإمارات، السعودية، قطرات الندى على زجاجات القلب، هو نثر السماء على أوراق الشجر، هو بياض الموجة عند سواحل الأفئدة، هو وثبة الجياد نحو فصول النصر المبين، وهو شامة على الخد والجبين، هو ومضة العين، لأجل أجيال تحتاج إلى السفر عبر التاريخ من غير منغصات ولا منكدات ولا مكدرات، أجيال تريد أن تصير الجغرافيا العربية، معافاة مشافاة من درن الأدعياء والدخلاء والبلهاء، أجيال تريد أن تنهي العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، ببراءة ذمة ونقاء ضمير.. هذا المجلس بفضل أصحاب الفضيلة والنوايا النبيلة، سيكون البذرة تنبت عنها شجرة الكرامة العربية والصرامة، التي لا تدع مجالاً للمخالب الغادرة، أن تعبث بالأغصان ولا بالأشجان، ولا بالوجدان.. هذا المجلس، أمل القلوب وبهجة المقل، هو في الأصل فاصلة، تأتي بعدها جملة تبدأ من أول السطر فحواها، أنه لا أمل لكل محتال ودجّال وصاحب خيال أن يفكر في قطف ثمار أشجارنا من دون أن يدفع الثمن غالياً.. وهو مصيره المحتم.