الأفكار والكلمات

الأفكار والكلمات

الأفكار والكلمات

 صوت الإمارات -

الأفكار والكلمات

بقلم - علي أبو الريش


هل نكتب على الماء 

أم نسكب الماء على الملمات؟

سؤال ربما يبدو غريباً، ولكنه في الواقع جزء من صيرورة حياتنا ونحن نتواصل مع الآخر عبر الكلمات.

فالكلمة، هي الشجرة التي تنمو على أغصانها المعاني، ومن المعاني نسكب الأفكار، ومن الأفكار نخطب ود وجودنا، فقط نخطئ الكلمات، وتذهب إلى مناطق مختلفة يشوبها الضباب، وبالتالي تصبح أفكارنا عمياء، تتعثر بالكبوات، ولكن لأننا آمنا بالكلمات لا نريد أن نغير الاتجاه، فنستمر في تكسير الحصى، ونحن نسير في طريق جبلية، ويحل علينا الظلام، ونحن ما زلنا نكسر، حتى ينتهي الأمر بِنَا إلى اللا شيء.

ونظل نحلم بالنور، ولا يأتي، ونظل نفكر بالحقيقة، وهي تختفي خلف غلالة من ضبابية الوعي! ماذا نفعل يا ترى؟ الكثير من الناس يلجأون إلى الإدانة، والتذمر، لأنهم لا يستطيعون الوصول إلى الوضوح وهم يغطون تحت الغلالة السميكة.

الإدانة ما هي إلا إسقاط ما بالداخل على الخارج، ومع استمرار العجز، يستمر التذمر، ومعه تكبر العقدة، وتتورم الأنانية، وتتسع حدقة التنصل من المسؤولية تجاه الوجود، ويصبح الإنسان غير مبالٍ بما هو مسؤول عنه، وما عليه الالتزام به.

وهكذا ذات مستلبة، تصبح وبالاً على الواقع، تصبح دملاً متقيحاً، مؤذياً للآخر، ولكن بفعل الغياب، لا ينبض قلب لأشد المعضلات فتكاً بالمجتمعات، ونجد هذا الانتهاك يتفشى، وينتشر وباؤه في مثل هذه الموجودات البشرية، ونجد الإرهاب، ونجد الشوفينية، والأوصاف والنعوت الموجعة التي تؤسس لمجتمعات يأكل جسدها لعيب النيران المتسعة في وجدان المنعزلين، والمتكئين على كومة من رمال السوداوية المعتمة، فلا يرى هؤلاء سوى أنفسهم، فعندما يقتل الكاره شخصاً آخر ربما يخالفه في الرأي، فإنه يعتقد في داخله أنه يقضي على الفكرة النقيضة، ويعتقد أنه تخلص من عدو يهدد وجوده، بينما الوجود قائم على المختلف، ومناهض للجمود والثبات.

الكارهون يخشون التنوع، ويهابون الألوان الزاهية، لأنها تكشف عجزهم الداخلي وتفضح الصدأ المترسب على جثمان أفكارهم العدمية. الذين يكرهون، لا يكرهون إلا القسم الأكبر لذواتهم، الذي تختبئ تحته خرافة الحقائق الكاذبة، لأنه في الأصل لا توجد حقيقة غير الحقيقة نفسها، ومن يعتقد أنه امتلك ناصية الحقيقة، فهو يقف ضد الحقيقة، وما الحقيقة إلا خرافة نصدقها، وما الخرافة إلا حقيقة ناقصة، وهؤلاء يذهبون إلى الأجزاء المنقوصة، لأنهم يجدون فيها ملاذ نقصانهم الداخلي.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن صحيفة الأتحاد 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأفكار والكلمات الأفكار والكلمات



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 10:54 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

غوغل تُتيح فتح الحسابات بـ"بصمة الإصبع" دون كلمة مرور

GMT 05:32 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

الملابس المزينة بالسلاسل الذهبية لإطلالة أنيقة في 2019

GMT 02:55 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح معرض الكويت الدولي الـ39 للكتاب الأربعاء

GMT 21:02 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

وفاة والدة عبد الفتاح الجريني بعد صراعٍ مع المرض

GMT 06:08 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

منصور بن زايد يصدر 4 قرارات مهمة في نادي الجزيرة

GMT 03:05 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

رواية "كاراكاس" رحلة بين الثقافتين المصرية والفنزويلية

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

محكمة الأسرة تشطب دعوى تمكين أحمد الفيشاوي من رؤية ابنته

GMT 23:41 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

"آبل" تحضر لمؤتمر WWDC 2013 بتعليق لافتات عن "iOS 7"

GMT 17:32 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

خالد الجريسي نائبًا لرئيس اتحاد الفروسية

GMT 13:50 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ محمد بن زايد يأمر بتحديـث سياسـات الإسكان

GMT 17:00 2013 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

إطلاق أوبريت "القدس أرض الأنبياء" من بيروت

GMT 21:06 2017 الجمعة ,21 تموز / يوليو

كريم أكروف يقدم تشكيلة من الأزياء الجزائرية

GMT 20:06 2013 الإثنين ,26 آب / أغسطس

صدور كتاب "حكايات عابر سبيل" عن دار المصري

GMT 22:18 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

ظاهرة فلكية غريبة ترصد لأول مرة على كوكب المريخ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates