بحث عن الذات

بحث عن الذات

بحث عن الذات

 صوت الإمارات -

بحث عن الذات

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

في جلسة أشبه بالرومانسية وفي ساعة صمتت فيه الجدران، وكفّ العالم عن الضجيج، رفع الرجل بصره إلى السماء، وتأمّل الخيوط البيضاء وهي تطل من مفرق رأس الزوجة، فبهت الرجل، وعقد الحاجبين وهو يقرأ ما بين الخطوط، وما نفر من شعيرات بلون الثلج.
ولمحت المرأة العينين الشاخصتين في المجهول، وتلقّت الإشارة، وبلمح البصر، سحبت الوقاية السوداء الرهيفة، فتلاشت السحابة البيضاء خلف اللون الأسود الشفاف، ولكنه على الرغم من محاولات الهروب إلى الخلف، إلا أن بعض البصيص كان يتسلل من بين النسيج الخفيف، فابتسم الرجل، وتذكّر زمناً كانت فيه الخصلات تتدلى بدلال، وأنفة وتمطر جبين الفتاة الشابة، بفطرة سماوية مرعبة.
ولكن المرأة لم تخف امتعاضها من نظرات الرجل التي كانت تتسرب إلى قلبها كأنها الشهب، فتحرق عمرها، وتسرق منها اللحظات السعيدة، والتي ما كانت لتحدث لولا الحجر الوبائي، ولكنها أيقنت أنه مع كل ما جلبه الوباء من أضرار أطاحت بحضارات، وأحبطت طموحات، وحطّمت مشاعر، فهو أيضاً جلب معه ثقافة جديدة، وهي الجلوس في البيت لمدد طويلة، ولكن ربما أن للمكوث الطويل سيئاته التي لا تتمنى هذه المرأة أن ينوبها منها شيء. 
ولكن السؤال الذي طارد مخيلتها هو: ما الذي فتح عينيه على هاتين الشعرتين في الرأس، واللتين خبأتهما منذ زمن ولم يخطر له أن يتأملهما؟
اعتصر قلبها ألماً وهي تتفحص وجه الرجل الذي تحول إلى قطعة من رغيف بائت، منذ أن لاحظ تلك السحابة البيضاء، وحاولت أن تستجلي الأمر وتتأكد من مشاعر الرجل بعد اكتشافه الخطأ البيولوجي في رأسها، ولكنها لم تجرؤ على المصارحة، فعلى الأقل ليبقى ما شعرته من تغير في ملامح الرجل، مجرد إحساس غامض، وهي تود أن يبقى غامضاً، دون أن تنفتق الجرة وتسفح ما بجوفها، وبطبيعة الحال ستكون هي الخاسرة، ومهما بذلت لترتيب المشاعر، فإن الكسر سيكون عميقاً، والرجال أنانيون، وعندما تتلاطم الأمواج في صدورهم، فإنهم يتركون المركب يغرق، ويغادرونه إلى الأبد.
سهمت المرأة، ولامت وباء كورونا، وقالت: لقد أطحت بكل شيء، حتى، وإن كنا عثرنا على بعض الحسنات، إلا أنها تنقلب فوراً إلى سيئات، ولست متفائلة كثيراً، بإرغامك الأزواج على المكوث في المنازل، فإنه من وراء فعلك هذا أيضاً مآرب أسوأ مما تفعله بالمرضى، لأن الرتابة تجلب الملل، والملل يستدعي الأسئلة الفظّة، وهذه الأسئلة، تفتح جروحاً بدءاً من مفارق الرأس، حتى الأخاديد التي تملأ الوجه وباقي الجسد. فالله يرحم، ويحفظ البيوت من شر ما خلق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بحث عن الذات بحث عن الذات



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates