وجه يفرحك

وجه يفرحك

وجه يفرحك

 صوت الإمارات -

وجه يفرحك

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

تخيل أنك دخلت على شخص يدير مؤسسة، أو دائرة أو وزارة، ولأول وهلة وأنت تقف وجهاً لوجه مع هذا الشخص، وعند جلوسك في المقعد المقابل، لمحت ابتسامة تتمشى على محيا هذا الشخص، مثل الفراشة وهي تحبو على وريقات الوردة.

بطبيعة الحال سوف تنفرج أساريرك، وتتسرب جداول الفرح بين أضلاعك، وستقول في نفسك ها قد وصلت، وسوف تظل تتأمل وجه الرجل الذي أمامك، وكأنك تقرأ كتاباً في تفسير الأحلام.

وسوف يشجعك هذا المشهد، على سرد قصة ما جئت من أجله من دون خجل أو وجل، أو جفول، وكلما اتسعت ابتسامة الشخص، ولمع بريق عينيه، كلما شعرت أنت بالانتصار على ضعفك، وأحسست أنك تخوض في مياه عذبة، وأن الشجرة التي جئت لترويها، سوف تنشرح وتتفتح أزاهيرها، وتتفرع أغصانها، ولن تخرج من هنا، إلا وقد تحققت أمنياتك، ولبيت حاجتك، وأنجزت مشروعك بنجاح باهر.

وربما لن تحقق شيئاً من كل هذا، ولكن الذي سيجعلك منتصراً، مظفراً، ومنفتحاً على الفرح، هي تلك الابتسامة التي أسفرت عن بداهة الفطرة البشرية، وحبنا للابتسامة، لمدى ما لها من أثر على تخصيب تربتنا، وتلوين أعشابنا بالأخضر اليانع.

فللابتسامة سحر، وفجر يطلع على القلوب، فينبت فيها الأزهار، ويضع على خاصرة الطير أجنحة خرافية، تجعلها تحلق في الفضاء، كأنها الطائرات الورقية الملونة بالسعادة.

للابتسامة عطر يجعلك تخفق بأحلام أبهى من ضوء القمر، وأجمل من عيون الطير، وأنبل من لفتة الغزلان في رتوعها وربيعها.

للابتسامة منطق الطبيعة، وفطرة النحلة، للابتسامة فكرة الخلق والإبداع، ونبوغ العبقرية، في ذهن الأشخاص الرائعين.

ولكن عندما يواجهك الوجه المغاير، عندما تبتلي بوجه أشبه بالمرآة القديمة، فترى وجهك من خلاله مثل شبح قادم من ظلمات الدهر، ترى وجهك مثل ورقة لوز عصفت في مصيرها ريح صرصر، ترى وجهك كنقمة أزمنة غابرة وتراه هو كحلم ليلة موغلة في الحوادث المبتسرة، تراه هكذا وأنت تجلس قبالته، وكأنه مخلب عصبي جبان، تراه وكأنه ناب من صروف الدهر، وكأنه رغبة مبتورة، وكأنه لحظة مباغتة مصفودة بأغلال البؤس، والرجس، والنحس.

عندما تمنى بخسارة زمانك، ومكانك وتقابل هكذا وجه، فإنك تخسر عمرك، وتفقد البصر والبصيرة، وتعيش اللحظة، وكأنك عشت العمر كله.

ندما تصاحبك هذه الورطة، فإنك تخسر رصيدك من الفرح، وتنال ما ناله الحلاج في محنته الوجودية، وتقع في الحفرة السوداء، تقع في المأزق الوجودي وأنت تتأمل وجهاً مثل لعنة إبليس، وتنظر إلى ملامح، تشوّهت إثر تجاعيد العبوس، وترهّلت بفعل وباء غلظة القلب، وفظاظة الروح، وفجاجة العقل.

تشعر حينها أنك وقعت من علٍ، وأن قلبك الذي كان بين أضلعك، قد غادر مكانه، وانسحب إلى مكان ما لا تدري أنت وجهته.

هذا الوجه يسلبك إنسانيتك، ويستولي على كيانك، ويحوّلك إلى حزمة من الأسئلة التي لا جواب لها غير أنك تفر بجلدك، وتحترم ذاتك، ولا تكرر مثل هذا الخطأ.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجه يفرحك وجه يفرحك



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates