الجغرافيا العربية سجادة قديمة

الجغرافيا العربية سجادة قديمة

الجغرافيا العربية سجادة قديمة

 صوت الإمارات -

الجغرافيا العربية سجادة قديمة

بقلم _علي أبو الريش

من يتأمل الجغرافيا العربية يشعر أنه أمام سجادة قديمة، تبدو ملساء، ولكن ما أن يتم نفضها، يتناثر منها الغبار الكثيف، وحشرات نافقة، وطفيليات ونفايات تؤذي البصر والبصيرة.

في ليبيا، كما في تونس، كما في العراق وسوريا واليمن، هناك حشرجة كائنات تؤول إلى زوال، لأن السجادة كانت قذرة، ولأن ما كانت شبه أوطان آلت إلى فتات ومزق، وطرائق قدد، وحشود من الطوائف والملل، ولعب البوح السياسي الأحمق دوراً محورياً في التفتيت والتزييف، وباءت الشعارات القديمة إلى فشل ذريع ومريع وفظيع، وتحولت التيجان إلى هيجان أمواج عصابية وأمراض ذهانية، وصراع ثيران إسبانية.
 
أوضاع تثير الفزع، عندما ترى بأم عينيك، أوطاناً تتنازعها رغبات وانفعالات، من نسل عصور الغاب، أوطان تغيب عنها الشمس، وشعوب تتسلح بالخوف، وتغادر مثواها، وتعبر البحار والخلجان طلباً للنجاة من نار الفقر والمرض، وهرباً من انتهاكات طالت العرض والأرض، وحروب لم تبق ولم تذر، لأن الساحة فتحت على آخرها لمرتزقة السياسة مثل مواقد أحرقت حطبها، وأكلت رمادها، وطاردت دخانها. في هذا الزمن الذي كان أحدهم يصرخ بشعار (أمة عربية واحدة، ذات رسالة واحدة)، اليوم تعددت الرسائل، وشاهت عناوينها، وتاهت أحبارها وسط الدخان، وفي معمعة الانهيارات الأرضية التي أصابت الزرع والضرع، ولم يبق سوى الأدعية في محاريب الكذب، ولم يبق سوى (حمل كاذب) تتأسى به الشعوب، لعل وعسى، وعسى هذه أصبحت قنابل موقوتة وأحزمة ناسفة، تنسف، وتخسف، وتكسف، وتجدف، وتحرف، وتخرف، ولم ندخر من التاريخ سوى القاعدة، ومن بعدها «داعش»، والله العليم ماذا ستجر لنا أمواج البحر المسجور من مسميات ما أنزل الله بها من سلطان. عندما نسمع الحديث عن العدو في شمال ليبيا، تقشعر أبداننا، ونصم آذاننا، ونغمض أعيننا، كي لا نسمع المزيد مما يؤذي إحساسنا ويجرح مشاعرنا. صراع أجندات لا يراعي حرمة وطن، ولا يلتفت لما يعانيه الملايين من البشر الذين أصبح البحر ملاذهم، والفراغ مأواهم، والعدم طعامهم، والموت مصيرهم. صراع على اللاشيء، فلم يبق في هذه البلاد ما يستحق الصراع لأجله، سوى الأنا المحتقنة، والذات المتورمة، التي لا تقبل إلا بكتلة، والجحيم الباقية من الإرث القديم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجغرافيا العربية سجادة قديمة الجغرافيا العربية سجادة قديمة



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 14:38 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 18:45 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 11:33 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 16:51 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

اضيفي اجواءًا جريئة ومشرقة على جدران المنزل

GMT 20:37 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

مطعم ياباني يقدم وجبات لحوم البشر بـ 20 ألف جنيه

GMT 17:53 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

ندوة لمناقشة رواية "منتصر" في مكتبة "البلد"

GMT 04:12 2020 السبت ,09 أيار / مايو

برشلونة يقترب من حسم صفقة نجم يوفنتوس

GMT 11:39 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كيت ميدلتون توضح تفاصيل اللقاء الأول مع الأمير وليام

GMT 04:07 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

انتقادات قوية لرئيس بريشيا الإيطالي بسبب بالوتيلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates