بقلم : علي أبو الريش
في منتدى الإعلام العربي، وجوه ومرايا، وعيون وسجايا، هناك في المبنى الجميل، مركز دبي التجاري، في الساحة الفسيحة، اتسعت الصدور، وانفرجت الثغور عن ابتسامات كما هي الفضاء الإعلامي في بلادنا.. هناك في المنطقة المطوقة بالأحلام وأشواق ذوي الأقلام، نمت في عروق المعرفة، شرايين تدفق فيها ماء الفرح، لأننا جميعاً كُنّا في حضرة الكلمة، كنّا في معيّة خير الكلام، وأحلى سلام، سلام النفس عندما يمتلئ وعاؤها، بعطر الأنفاس التي تسمرت بوعي، وهي تلتقط حبّات الأمل، من وحي ما يتساقط عليها من سماء الذين يثبون وثبات الجياد، باتجاه المستقبل، غير متناسين أبداً ما يحيط ويحيق بالأمّة، من أزمات ومهمات ومعضلات جزت عنق الحقيقة، وكسرت زجاج القلب، وهشمت جدران الروح حتى أصبحت أوطاناً مثل كهوف مهجورة تنعق فيها الغربان، وتنهش في جسدها نسور الجبال المكفهرة.
هناك في الفسحة الوسيعة، شيدت ورود الحلم، بروجاً وأنشد الطير مغرداً محيياً، منحازاً بأجنحته باتجاه فضاء مغسول بالثلج والبرد، هناك يشعر الإنسان أنه في المنطقة المزخرفة، المنسوجة من حرير اللقاءات الحميمية وشفافية اللسان وعذوبة القطرات المنسابة من أوراق الأشجار العالية.
في المنتدى، المنطق يحدق وينسق أزهار البستان، ويغدق الحاضرين بدفء دبي، ويذهب بالأشواق إلى حيث تسمق الأعناق، والركب يرفل بمعانٍ جميلة ونبيلة، والأشياء جميعاً تنثر البخور في المكان، وصوت الإعلام يذهب بعيداً يدخل عميقاً.
والأفكار تدخل بيت الحكمة لتملأ الغرف العقلية بأصول التاريخ والقيم والمبادئ التي نشأت عليها روح الإنسان هنا، والثوابت التي ترعرعت عندها مشاعر الناس جميعاً، فعندما يتحدث أي مسؤول في الإمارات عن فضاء الإعلام النظيف، إنما هو ينطلق من واقع بيئته، هذه الصحراء النبيلة علمتنا كيف تزهو الأشجار، وكيف تتفرع الأغصان، وكيف تزدهر الأزهار، وكيف يكون العشب، قشيباً خصيباً، خضيباً، وهو يملأ جعبته من هواء الصحراء ومن سحنتها الرطيبة، ومن سجاياها الخضيبة، ومن مزاياها الرحيبة، ومن هالتها الرهيبة.. كل هذا ولا تزال تلهمنا، وتلقمنا أسس الحياة، محتضنة جل مشاعرنا، ومحصنة قلوبنا من الزلل والخلل.
في المنتدى الإعلامي انشقت الذاكرة، عن الحكاية الأولى، حكاية الموال وأسباب السؤال، الذي فتح نوافذه والأبواب مشرعة، لأن الإنسان أراد أن يقف على ربوة الصحراء، مخاطباً ذلك الكائن الجميل، بعيره المخبوب بين الشعاب والهضاب، قائلاً.. أيها الجميل النبيل، إنك الأول والآخر في فطنة السؤال، وحكمة القول، والبوح الفصيح في المنتدى، أسعدنا هذا الجمع، لأنه يمثل اجتماع الكلمة على بوح سواء.