أسطورة كاذبة

أسطورة كاذبة

أسطورة كاذبة

 صوت الإمارات -

أسطورة كاذبة

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

يقول نيتشه: نحتاج إلى قليل من الكذب، لنواجه مرارة الحقيقة. هكذا تمر الحياة عبر ثقب ضيق اسمه الكذبة، لتصل إلى المحيط الواسع وهو الحقيقة. لم ير الإنسان الحقيقة كما هي إلا بعد أن عبر نفق الكذبة، لأنه ما من فرد يستطيع أن يكشف عن الحقيقة إلا من خلال بذل الجهد، والكثير من الجهود لا تبدو كما هي، بل هي مثل غلاف سميك من ورق الكذب، ويستطيع الإنسان أن يحقق هدفه الحقيقي بعد أن يقوم بفك الألغاز التي تحيط بموضوع ما ثم تتكشف له حقيقة هذا الموضوع.
لقد كشف بيكون عن حقيقة مركزية الشمس ودحض أكذوبة هيراقليطس حول مركزية الأرض، ولكن هذا الكشف لم يأت اعتباطاً، وإنما باتخاذ قرار الجرأة لمواجهة معتقد قديم قدم الدهر، ولكي يستطيع المرء اتخاذ القرار، يحتاج إلى الوعي بالحرية، والوعي هذا لا يتوفر إلا إلى أولئك الذين استوعبوا كيف يكونون في المحيط موجة عالية النغمات، وليس رقماً سلبياً في الحياة.
ليس كل الحقيقة صدقاً، كما إنه ليس كل الكذب كذباً، فهناك أكاذيب ربما تكون طريقاً إلى الحقيقة، فأكذوبة هيراقليطس كانت النقطة التي جمعت ماء النهر، ولولا الفكرة الأولى، ولولا الاعتقاد الأول لما توصل بيكون إلى النظرية الحقيقية التي رفعت المركزية من الأرض إلى الشمس، وهذه حال الحياة، نحن نتقبل بعض الكذب ليس لأن الكذب خصلة نبيلة، بل لأنه يحمل في ثناياه الحقيقة فيما استطاع الإنسان أن يجلي عنها الصدأ، ويزيح عنها النفايات.
كل هذا يحدث بسلام إذا ما تمكن الإنسان من التخلص من التعنت، والتحرر من الصلابة التي تكسره ولا تجعله يصل.
نحن نفكر دائماً في الوصول، ولكننا لا نفكر في الأداة التي تحملنا إلى الأهداف السامية، نحن نخشى من الفشل، لا نؤمن بأن الفشل هو الطريق إلى النجاح إذا ما تأزرنا بالإرادة، وإذا ما تجاوزنا قلق المرحلة لننتقل إلى ثواب المرحلة التالية، نحن في عجالة، وعجالتنا ترمي بنا في حفر سوداء، ما يجعلنا دائماً لا نرى الحقائق، بقدر ما ونحملق بها وكأنها قنابل موقوتة نخشى أن تنفجر في وجوهنا. نحن نحتاج إلى احترام الفرصة، بقدر احترامنا للحظة، بقدر ما نحن نتوخى الحذر من الوقوع في الخوف من الحقائق، ولذلك يظل البشر عالقين في الكذب لأنهم لا يعون أنه مرحلة، بل يعتقدون أنه أداة تجاوز، وقفز على إرادة الآخرين.
المسألة تخضع فقط لاختلاط المفاهيم وعدم الوعي بأهمية فهم المصطلح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسطورة كاذبة أسطورة كاذبة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 08:03 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 09:10 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير البيئة والمياه يكرّم مصمم لعبة "أبحر"

GMT 19:20 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

القبض على أسقف في الفاتيكان بتهمة الاختلاس

GMT 19:06 2013 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

علمى طفلك كيف يتصرف بطريقة جيدة

GMT 19:23 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

مطالبات في بريطانيا بحظر بيع هواتف محمولة بحجم أصبع اليد

GMT 08:44 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الإضاءة المناسبة للتغلب على ضيق المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates