فواتير بلسعة النار

فواتير بلسعة النار

فواتير بلسعة النار

 صوت الإمارات -

فواتير بلسعة النار

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

عندما تقرأ أرقام فواتير الكهرباء والماء، تتخيل نفسك أنك تدير فندقاً، أو محلاً تجارياً عملاقاً، حيث بفعل حرارة الصيف، تمدّدت الفواتير، وتضخّمت، وتورّمت، وتعاظمت، واكفهرت، وشحبت، وصارت لها مخالب تنتزع من قلبك ما تدخره قوتاً للأفواه والأرانب، ولو فكّرت بتأجيل السداد، فسوف يعاقبك ذلك الرجل الذي يتحين الفرصة لقطع شريان الحياة، من الوريد حتى الوريد، ويدعك تلهث، وتؤنب نفسك، لماذا لم تسرع في السداد حتى تتقي شر العرق، واختناق أنفاسك. يا جماعة، سداد فواتير الماء والكهرباء واجب وطني، وأخلاقي، ولا عذر لمن يتوانى عن تأدية هذا الواجب، ولكن نقول: رفقاً بالقوارير التي في جيوب محدودي الدخل، والذين يكدون، ويسهرون، ويتعبون على الاكتفاء الذاتي وسد الرمق، وكف الحاجة.
الأرقام الخيالية التي تزيغ لها الأبصار، وترتعد لها الفرائص، بحاجة إلى فرامل توقف سرعتها الهائلة، وإلى ضمائر تمنع تدفقها المخيف.
فليس كل الناس لديهم القدرة على مواجهة هذا الغرف، وهذا النزف، وهذا العزف، خارج سرب القدرات المالية لدى الكثير من الناس.
فالحياة تغيّرت، والظروف عصيبة، ومصاريف الأسر تضاعفت، في شؤون كثيرة، والطفل الذي كان يكتفي بقدر زهيد من المصروفات، أصبح اليوم يحملق في مستلزمات باهظة الثمن، ترهق والديه، وتحمّلهما مسؤوليات جسيمة، وعندما يصدم أرباب الأسر بهذه الأرقام المكشّرة عن أنياب حادّة تقطع أعناق ما في جيوبهم، يصبح هؤلاء أمام الأمر الواقع، فإن سدّوا ثغرة الفواتير، انفتحت أمامهم ثغرة المطالب الأخرى، وما بين هذه وتلك لابد من خسارة فادحة، ولابد من حسرة تتبعها آهة، ولكن الآهات لا تحل مشكلة إذا لم ينتبه أحبتنا في هيئة الماء والكهرباء إلى من هم من دمهم ولحمهم، ونظروا في الأمر بعين مبصرة، ونفس بصيرة، وقطعوا دابر الأرقام الكبيرة والتي بحجم الهموم التي يكابدها كل من أرهقته هذه الأرقام، وقيّضت منامه، وأتعبته تفكيراً، وتأملاً فيما يحدث خلف جدار منزله، وما يفعله ذلك الموظف الذي قد لا يتعب نفسه، فيلجأ فقط إلى الحسابات التقديرية، وهذه هي لب المشكلة، بأن نقدر من غير تقدير، وأن نضع الأرقام ونختفي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فواتير بلسعة النار فواتير بلسعة النار



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates