بقلم : علي أبو الريش
بدت الصورة، مثل جناح فراشة، تلون المعنى والكلمات زعانف ترفرف على الشفاه.. رئيس الوزراء الياباني شينازو آبي، دخل الموسوعة الكونية وهو يحلق في صحراء الإمارات، ببوح بدا مثل الموجة، تغسل سواحل المفردات الأنيقة، وتوشوش للعشاق بقصيدة يابانية من نوع النيرفانا الأصيلة. قالها الرجل بوجدان صاف، وعقل منيف شفيف، عفيف، وروح مزجت ما بين بحر الخليج العربي وبحر اليابان، فجاءت الموجة عارمة صارمة، حازمة، جازمة، حاسمة، مفعمة بمشاعر الحب والعرفان، لبلد مد الشراع واسعاً ساطعاً، ومجاديف أسمعت الدنيا صوت الموال، ورزفة العيالة.
كان الصوت، مثل تغريدة الطير، عند القمم الشم، يعانق هفهفة أوراق القلب، وهو يذكر اسم الإمارات، ويتلو الكلمات في صومعة الحقيقة.. هذه هي الإمارات في قلوب الناس جميعاً، مثل الشريان مثل السيمفونية مثل أغصان السنديان. مثل أحلام الطفولة ملونة بالحب، مزخرفة بالصدق، مسكوبة مثل الجداول في حقول الإخلاص، مثل الجدائل عند متون التضاريس اللدنة، هذه هي الإمارات مسكوكة في صدور العشاق، بأشواق العلاقة ما بين الأنا والآخر، من دون شعاب أو هضاب، هي هكذا مجبولة على الاتساع في الأفئدة، كالماء في السهول، كالعشب في الحقول، كالفكرة في المعقول كالفاعل في المفعول، كزعفران في صحن مصقول، كوجد الناس في الأفق الساهر على تطلعات من لا يجد نفسه إلا عند شغاف السحابات السخية.
هكذا هي الإمارات، عاشقة ومعشوقة، تواقة للمجد والوجد، أحداقها لؤلؤات في ضمير العاشقين، أهدابها أنامل من سطروا في التاريخ جملة اسمية، اسمها زايد الخير، وخبرها شامخات في أحشاء السماء. هكذا هي الإمارات، في الوعي الإنساني، بلد حقق منجزه الحضاري، بفعل الذين ما ملّوا من بث الحب، زخات بللت ريق الدنيا، وأعشبت أرض الناس.
هكذا هي الإمارات، عندما يذكر اسمها، يتهلل وجه السماء ويسيل رضاب الأرض، ويبتسم الشجر، ويرفع الطير نشيد المحبة.
هكذا هي الإمارات، سراج الضوء في ظلام العالم، ابتسامة المحيا في اكفهرار الكون، أغنية غزلية، حصيفة، فصيحة، صريحة، فسيحة في مفرداتها، مليحة في محسناتها، رجيحة في معناها، تسرج خيول البداهة، من دون رتوش أو نقوش، أو خدوش، هي هكذا سرد حكايتها من بدء الصحراء حتى الماء، من سدرة على كثيب، حتى وردة ترعرعت على خصر خصيب، ومن شظف ولظى، حتى الكف الخضيب. هكذا هي الإمارات، النقطة آخر السطر، فلا زيف ولا حيض، ولا كيف؟ هي السؤال الذي يجيب عن نفسه من دون برشام أو اقتحام لأوراق الآخرين. هي هكذا، مجدها يأتي من كدها، من حدها وحدودها، من وجدها المتجدد مداً وسعداً وعدداً.
هكذا هي الإمارات، في حلم ثم عِلم، ثم قلم، يسجل ما أبدعه، الفكر وما جادت به الروح الحيوية، وما أغدق به القلب المحب للحياة، هكذا هي الإمارات، قلب العالم وأهدابه، وسمعه وبصره.