بقلم : علي أبو الريش
التاريخ يُعيد نفسه في عَود أبدي، والحضارات لا تختفي بقدر ما هي تحتجب لتبرز حضارة موازية، قابلة للامتداد والسرد، والتعبير عن نفسها في معطيات قوية ومؤثرة.
الحضارة العربية ربما تلاشت في مكانها، لكنها برزت في القرن الواحد والعشرين، في الإمارات، هذا القرن قرن الإمارات وحضارتها الزاهية المزدهرة، ومنجزاتها العملاقة المعبرة عن جهد ثقافي وفلسفي كرّس واقعاً إنسانياً مشهوداً.
اليوم في الإمارات نرى هذا الزحف الحضاري، والتنوع الثقافي والإنجاز على مستويات مختلفة، كل ذلك يضع الإمارات في لب المشهد، وقلب الأحداث، ومقلة العقل.
الإمارات بفضل حكمة الحكم، وحكم الحكمة، تبدو كوكباً تخرج من ثناياه ضياء التفوق والتميز والفرادة والاستثنائية، فلا يمر شروق شمس، إلا ترسل معها خيوط لإنجاز جديد، وحدث باهر، وفعل مدهش، هذه القوة الفاعلة، المتفاعلة، يتوسط أخذها وعطاءها، فكر إنساني أمسك بألباب المعرفة، وسخرها في خدمة البناء المجتمعي. ليصير الوطن بكامله قدرة فائقة يتوخى الآخر التماثل معها، ويستبصر في نسجيها، فلا يجد غير جباه مرفوعة، وسواعد تتشابك كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، ليصبح البناء برمته سحابة ممطرة.
هكذا هي دورة الزمن تبدأ بإرادة القوّة، والإنسان الأعلى الذي انتصر على ذاته ليحقق ذاتاً متماسكة، تستجمع عناصر قوتها من ذاتها، ولذاتها تعمل على هزيمة الظرف وعوامل الطبيعة.. نحن في الإمارات نشهد حلقة من حلقات التطور البشري التي تعيد للأذهان نمو قوى حضارية، سادت العالم، بقوّة الحكمة وشكيمة الفطنة، وعزيمة الحب، الذي لا بديل له لبناء أي حضارة، لأنه النقيض للكراهية والضد للعدمية.
حب الإمارات لم ينشئ قوالب جامدة، وإنما بنى وجداناً إنسانياً، امتدت آثاره، في القارات الخمس، وما هذا التنوع الثقافي إلا نتيجة مباشرة لفعل الحب، والقلب الإماراتي الذي أصبح قاموساً، لا يمكن لأي إنسان يود أن يفسر معنى الحياة إلا ويفتح هذا القاموس يريه أبجديات العلاقة ما بين الفرد والآخر، وما بين الإنسان والحياة.
الإمارات التي حققت هذا النصر على معوقات الحياة، هي اليوم تمضي بالركب البشري نحو غايات الأمل، ونحو أهداف العلو والرفعة، ونحو ثوابت العلاقة بين الناس أجمعين وقواسمهم المشتركة.
الإمارات من الصحراء الجليلة، أنبتت خصال الكرماء، وأسست المعاني النبيلة، وأنشأت مدينتها الفاضلة، وأعطت الدروس لمن تأخر كثيراً عن حضور الدرس التاريخي، وغاب عن استلهام المعنى من قيم الأخلاق الحقيقية.
الإمارات، جاز لشعبها اليوم أن يقول نعم نحن استثنائيون لفرادتنا في الحب، ولتميزنا في العطاء، ولقدرتنا الفائقة على الالتزام بالثوابت.