بقلم : علي أبو الريش
الشباب، حائط الصد والرد والمد والكد والجد والسد، إن أحسنت إليهم أحسنوا وأمعنوا في صياغة الفكر وصناعة الزمن من خيوط الحرير، وصارت قماشة الحياة ناعمة منعمة بالرفاهية ورخاء العيش.
الشباب هم المكانة والرزانة والصيانة، والأمانة التي علينا أن نصونهم ونحميهم ونرعاهم ونعتني بشأنهم وفنهم وفننهم. الشباب قامة الوطن ومقامته واستقامته وقوامته.
الشباب السد المنيع والحائط الرفيع والصوت المجلجل في فضاء العطاء، ونبرة الحفيف عند القمم الشم، والكلمة التي لا تخل ولا تزل ولا تكل ولا تمل من نث الحبر في شرايين الحياة، كما تزخر صفحات التاريخ بالإنجاز العظيم.
الشباب في وطن جل أبنائه من اليافعين، هم نحلة العطاء، ونخلة الأثمار، وموجة الأبحار، وقوة الأعمار، واللون الأخضر على وجنات الأشجار.
الشباب هم قادة المستقبل وسادته وسيادته، هم قداسة المكان وحراس غابة الحلم، هم نخوة العقل، وصبوة الروح، ونشوة القلب عندما تهفو النفس لغد تشرق شموسه بأهداب الذهب، وتضاء لياليه بمصابيح الوعي، وتثمر أشجاره بتفاحة النهوض، وتعشب حقوله بسنابل الامتياز، وتكتسي الصحراء بالسندس والاستبرق وآرائك السعادة.
الشباب مثل الأشجار إن ارتووا بالماء العذب نموا وترعرعوا وتفرعوا وأثمروا، ووصلت أفنانهم إلى عنان السماء، وإن ذاقوا الجفاف العاطفي ذبلوا وعجفوا وتواروا خلف إحباطهم كأعجاز نخل خاوية.
الشباب هم الملح والسكر، هم الماء العذب والضفاف وأعماق النهر.
الشباب هم رشفة الحياة ونخب الاستثناء، هم الغاية والوشاية، هم منطقة في القلب، هم خطوة الدأب والحدب، هم الصوت القادم من زمان الأولين، يحثنا كي نصافح الأمل على جباههم، ونقبل الأمنيات على شفاههم فتنتشي أغصان الوطن، تمضي في الرقي، تسير بخطوات متئدة ثابتة واثقة لا تغشيها غاشية، ولا تحكمها ريبة أو مرية.
الشباب عندما تتفتح أزهارهم على نسائم وطن هبوبه من أنفاس الذين يعشقون ولا يكلون، يحبون ولا يملون، ويرفعون النشيد عالياً من أجل حياة أوتارها شرايين شباب يتفانون ويكافحون ويبذلون النفس والنفيس، من أجل غد مشرق متألق، متأنق، متناسق، باسق.
الشباب هم وضح النهار، هم الفجر المتدفق وعياً، وسعياً، هم جذل العيون الساهرة على قصيدة الوطن وملحمته الإنسانية. الشباب رمش الجفون يظلل ويدلل ويعلل ويجلل ويكلل.
الشباب رواية المكان، وثيمة أحداثه ومحدثاته وحديثه. الشباب قطب الدائرة وقطرها ووترها ومحيطها، وحائطها ومحطتها، والمسافة ما بين الحاجب والحاجب، هم النقطة على الحرف والكلمة بالغة في المعنى والمغزى والدلالة والإشارة. الشباب الجحيم اللذيذ الذي لا طعم لمأكل أو مشرب من دونه. الشباب هم الحياة كما يجب أن تكون.