بقلم - علي ابو الريش
بعض الزوجات قبل الراتب تبدو مثل فستان قديم علق على مشجب تاريخ مثخن بجراح هزائم قومية. بعض الزوجات قبل الراتب تبدو مثل ثمرة الليمون الذابلة يكسوها اللون الرمادي النافر. بعض الزوجات قبل الراتب، تبدو مثل مملكة النمل الهاربة من ريح صرصر، متسلقة جذوع الوهم، فراراً من ليلة باردة.
بعض الزوجات قبل الراتب يأتين بوجه سلحفاة بترت ساقاها الأماميتان بفعل هجوم ضار من فك مفترس. بعض الزوجات قبل الراتب مكتنزات بفيض وغيض، ورض وحض، ومض، وكظ وفي عيونهن تطفح أسئلة متى، وكيف، وماذا، ولعل، وعسى.
بعض الزوجات قبل الراتب تبدو سحناتهن مثل زجاجات ملأ صفحاتها غبار القنوط، والسخط، والنبذ، والإذعان لرغبات لا تتعدى حدود المول الذي يبتاع الأثمن، والأجمل، من صرعات الموضة العصرية.
بعض الزوجات قبل الراتب، يدعن المسؤولية كاملة بيد خادمة المنزل، وهن رابضات عن الهاتف، ويتلقين الحكايات من هذه وتلك، والسرد مفعم بنا يسيل له اللعاب، وتهش له النفس، ويخفق له القلب، وتطير به الروح. بعض الزوجات قبل الراتب، لسانهن مثقل بلغة تخرج من بين الشفتين، مثل الحصى المتدحرج على سفح جبل. وعيونهن مطفأة الأنوار، وأجفانهن جلد ماعز ضربته شمس القيظ، وابتسامتهن صفراء مثل ورقة لوز قذفتها الريح عند زاوية مقفرة. بعض الزوجات قبل الراتب، تبدو نظراتهن مثل بصيص ضوء قادم من غرفة مغلقة. بعض الزوجات قبل الراتب، ركاب فك عقالها من مربط صحراء قاحلة.
بعض الزوجات قبل الراتب مثل مخلوقات ما قبل التاريخ لم تروض، ولم تقرأ عن فلسفة روسو القائلة: «كن أنت، ولا تكن غيرك». بعض الزوجات قبل الراتب، مثل فكرة حائرة في رأس ذبابة ضيعها غاز سام. ولكن بعض الزوجات بعد الراتب، يخرجن من كهف الحيرة، ومن دون مثل فراشة ترتدي قميص الفرح.
بعض الزوجات بعد الراتب، يمتلكن الهواء السماء، والنجوم، والقمر، ويسبحن في نهر من فرح، وترفرف حقائبهن مثل أجنحة الطير وهو يغادر منطقة الخوف. بعض الزوجات بعد الراتب، أحلامهن زرافات لها أعناق الرخاء، وترف اليوم الأول للراتب.
بعض الزوجات بعد الراتب، مثل جدول الماء، في ريعان المطر، وثراء السحابات السخية. بعض الزوجات بعد الراتب، يقلن لخادمة المنزل، قفي في مكمنك، ودعي ساعية البيت تكنس الفراغ بالحب.