بقلم : علي أبو الريش
خلوة الشباب، منطقة في الوجدان تزرع أشجاراً وارفة الظل، وتبعث رسالة إلى جيل شبت نوازعه، وتوزعت مشاربه، وتنوعت مطالبه..
هذا الجيل سنابل غد يفتح الأبواب والنوافذ مشرعة لأجل عقل لا بد له أن يمشي على ضفاف النهر كي يتطلع إلى أجنحة الطير، وهي تهفهف على الماء جانحة للفرح، جيل ينظر إلى الزعانف في الماء، فيهفو قلبه للحركة، ويصبو إلى أيام تصبح فيها الأقدام أغصاناً تحط عليها حمامات الأمل، ويرتفع الهديل من بين عشب الناهلات من نبع العذوبة.
خلوة الشباب.. مساحة واسعة من إثبات الوجود، وتحقيق الذات بطاقة إيجابية وسلوك لا يقبل النوم على حافة المهد، ولا السير على الهوامش، في الخلوة نداء وصرخة نجوم تدعو إلى إضاءة الطريق بأحلام لا أوهام، وبحقائق لا خيالات، وثوابت لا هواجس..
في الخلوة نقطة الضوء في ليل العالم تطل من الإمارات، من صحرائها النبيلة، من بحرها العريق، من ثقافتها المتألقة بالإبداع والتجديد والتطور والرقي.
في الخلوة، رعد وبرق يتلوه مطر، يسيل على عشب القلوب.. فتنبت زرعاً وضرعاً وتحيي الأرض زاهية مزدهرة مزخرفة بعطاء أبنائها وسخائهم ورخاء عقولهم وثراء نفوسهم..
في الخلوة قطار دبي الذي يطل على المدينة ليرسم صورة مثلى لعقلية جبارة فاقت التصور في إبداعها، وتاقت روعاً إلى الأرقام الأولى وإلى التفرد والاستثنائية.
في الخلوة.. خور دبي تعبر منه وإليه، سفن السفر البعيد إلى نواحي الفكرة الإنسانية، وإلى قارات العقل كي تعود بالزاد والزهد والزهو، وكي تستمر الحياة لؤلؤة في القاع نجمة في السماء.. خلوة دبي، كائن أسطوري يحفر خطواته في سجل الخالدين، ويمضي بالأمل كوكباً سياراً يرنو إلى العالم بأحداق الفرح وأشواق العاشقين وأنساق الذين يضعون الثمرات على الأغصان، لتنمو الحياة شجرة سامقة، باسقة، متناسقة، متشوقة للعلو، متعشقة للرفعة والشأن النبيل.
خلوة الشباب بقلوب يافعة وعقول ناصعة ونفوس يانعة، تبدو الإمارات حقلاً يرتاده الطير المهاجر كي يرتع عند ربوعه بسلام وأمان.. خلوة الشباب قدر هذا الوطن أن يحظى بقيادة هي من الشباب وفيه وإليه، تعزز خطواته بتذليل الصعاب وتهيئة الشاب وتمكين العقول كي تقطف الثمرات من الأفرع العالية.. قدر هذا الوطن أن يمن الله عليه بقيادة لا تدخر وسعاً في تمهيد الطريق لأجل أن تمر الخطوات من دون عثرات أو كبوات أو عقبات.. قدر هذا الوطن أن يصبح الحب قاسماً مشتركاً ما بين القيادة والشعب، الأمر الذي أثبتته النوائب والشدائد.. قدر هذا الوطن أن يصبح للقصيدة بيتاً بوزن الصحراء ووزن وشوشة الموجة، وحلم القيادة بوطن أوسع من القارات.