ليوا الزمردة

ليوا الزمردة

ليوا الزمردة

 صوت الإمارات -

ليوا الزمردة

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

عند الكثيب تبدو تلك الهضاب كأنها العناقيد تعانق الغيمة، والناس على الرمل الذهبي كأنهم الأشجار تغرس جذورها في سجايا الأرض.
في هذه الزمردة تختال الحياة في حلها حسناء غافية على مهد الرفاهية، وتتجلى بثوبها الذهبي محفوفة بأثير، تبدو نغماته كالدوزنة، تبدو نسماته كوشاح أشف من عين الطير، وهنا تسير القوافي في أحشاء المنطقة المزروعة بالشعر، ونثر النخيلات اليانعة، ورواية تحكيها تلك الغافة العريقة عن أنامل لمست خصلاتها، وقد وهج مهج ترنمت تحت أغصانها، هنا مروا، وهنا عبروا، وهنا أناخوا نياق الصدق، وحدقت جياد في الأفق، هنا طوق الطير بأجنحة الأحلام الواسعة أعشاش السكينة، وهنا ذابت قبلات بمحض اللظى، وهنا سقت الغافة عروق الحملان ببلل الوريقات اليافعة، هنا كانت ولم تزل الغافة تتسرب وعياً في شجون الناس الطيبين، وهنا تتدفق مشاعر الذاهبين في معاني الهضاب الذهبية، هنا يؤرق وجدان العشاق، حين تتسلق الأقدام الرباعية، مصاعد الرمال، وتغفو عند مشعل النور، منبجساً من وجه اللجين، في لحظات تبدو فيها الطبيعة الخلابة، وكأنها ناسك متعبد، ممتلئ القلب بآيات مزملات بضراعة الشجر، ووداعة الطير، وحلم الأزهار بأن يستمر الشتاء معطفاً أزلياً يلف جسد الطبيعة ويمنحها الدفء.
في ليوا الكائنات وكأنها في يوم احتفالي بميلاد زمن، خضابه المسك، وبريقه عيون كأنها النجمات في بطن السماء، وابتسامات تتفتح عن نضج زهيرات الأنوثة في منازل التراب الوفي، هنا في هذه المكانة، وفي هذا المكان تسقط كل المعايير، وتنهار الحسابات، وتتلاشى المواعيد، حيث لا يحضر إلا قمر ليوا بعد غروب، امتدت خيوطه الذهبية لتصافح وجه القمر، ويصير الناس وكأنهم حبات لؤلؤ منثورة على الرمل، يصبح الرمل بساطاً يليق به بأن يحتوي الأفئدة، ويضم أجساداً أتعبها الضجيج، فما لقيت غير هذا الشلال المنبسط على تلال من رمال لم يجهدها التاريخ، ولم تكلل، ولم توجل، ولم تأفل، بل هي في الوجود علامة من علامات، الزهو وفخر الإمارات بتاريخها، وبهجتها، واتساع رقعة احتفالها بوجود مدها بكل هذا البذخ الطبيعي، وجعلها أيقونة تتربع على فيض الجغرافيا، وتنمو محاسنها على غرار ما توشوش به الغافة، ويلحنه الطير، ويرفع نشيده إنسان عاشق للحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليوا الزمردة ليوا الزمردة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 08:03 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 09:10 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير البيئة والمياه يكرّم مصمم لعبة "أبحر"

GMT 19:20 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

القبض على أسقف في الفاتيكان بتهمة الاختلاس

GMT 19:06 2013 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

علمى طفلك كيف يتصرف بطريقة جيدة

GMT 19:23 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

مطالبات في بريطانيا بحظر بيع هواتف محمولة بحجم أصبع اليد

GMT 08:44 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الإضاءة المناسبة للتغلب على ضيق المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates