حفيدة

حفيدة

حفيدة

 صوت الإمارات -

حفيدة

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش


حفيدة.. هي في الضمير مثل نبتة تخرج من تراب الوعي، لتسهب في إيقاظ طفولة غابرة، وتنعم عليك بصوت أشبه بالحنين القادم من محيطات ادلهمت عبابها، وماجت أمواجها، وهاجت رياحها.
هي هكذا تأتيك، لتخترق زمانك، وتستولي على ذاكرة شابها اللغط، ولكنها لم تطفئ أنوار غرفتها. تحاول أن تقرأ في عيني طفلتك، مراسم احتفال زمان مر، وعبر، وأصبحت عرباته بضجيج بلا معيار، ولا مسبار، صرت أنت بلا قميص يخفي أضلاع عزلتك، ويضمك في صدر مرحلة، لم تعد تقوى على حمل مشاعرك، ولم تعد تهوى وجهك في ظلام التوحش.
ولكن هذه الحفيدة، هي الاستثناء في الحب، والفرادة في التعلق، تأخذك إلى حيث تكمن العفوية، وتثريك بالمعاني، وتجعلك في رخاء المشاعر، كطير الصباحات الباكرة، لأغنياتك شجو الرفرفات، والهفهفات، والنفنفات، ولمس الأثير للغصون، ونبس النجمة للعيون، وهمس الغيمة في السكون.
هذه الحفيدة لها من نعيم الخصال، ما يطوقك بلهفة، وشغف، وما يطويك في شرشف المعنى من لحظة مبهرة، حتى يصبح زمانك حصانك الذي يثب بك إلى معشوشبات النجود، ومخضبات السهوب، ومخصبات الترب.
تشعر وأنت في حضورها، وكأنك في الوميض الملائكي، تشعر وكأنك تقتعد كرسياً على خاصرة سحابة ممطرة، تشعر وكأنك متجلياً على صهوة موجة، تشعر وكأنك تتلو قصيدة، كتبت على صفحة سماوية، تشعر وكأنك ترتل رموش الغزلان ساعة الزهو، بعشب المراحل الزاهية، تشعر وكأنك في مراسم تتويجك، على رأس قائمة الحائزين جائزة التفوق، تشعر وكأنك تجدل خصائل أشواقك القديمة، تشعر وكأنك تقرأ في كتاب الفلسفات العتيدة، تشعر وكأنك تولد من جديد عندما تتملى ملامح البراءة في عينيها، فيستيقظ الطفل فيك، وينهض، وتفيق أنت على صوت أشبه بالهديل، يذهب بك إلى مراحل، وسواحل، ومناهل، وفواصل، ومفاصل، وجداول، تبحث عنك فيها، تجلبها إليك بقوة الذاكرة التي توأمت بين مشاعر، وأواصر، ودوائر، فتمنحك القناعة، بأن الأعمار ليست إلا أرقاماً، أما نحن فنظل أطفالاً، طالما احتفظنا بالصفحات البيضاء، ولم نخدش المرآة بغبار أو سعار.
هذه الحفيدة منحتني قدرة المقاومة على الإحساس بالعدمية، ونسجت في داخلي خيوط قماشة جديدة، وسكبت في أعماقي رحيق المراحل المتفائلة.
هذه الحفيدة سكنتني، كما تسكن الفراشات أكمام الزهور، واستولت على مشاعري، كما تستولي الأعشاش على الأغصان. إنها الدماني في مرتع القلب، ومهجع الروح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حفيدة حفيدة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 10:18 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

كارينا كابور في إطلالة رشيقة مع أختها أثناء حملها

GMT 15:51 2019 الإثنين ,13 أيار / مايو

حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بالشهر الفضيل

GMT 15:56 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

"الديكورات الكلاسيكية" تميز منزل تايلور سويفت

GMT 12:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

قيس الشيخ نجيب ينجو وعائلته من الحرائق في سورية

GMT 11:35 2019 الخميس ,09 أيار / مايو

أمل كلوني تدعم زوجها بفستان بـ8.300 دولار

GMT 08:09 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يُثني على النجم أبو تريكة ويعتبره نجم كل العصور

GMT 19:44 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

"شانيل" تبتكرُ قلادة لؤلؤية بطول 60 قدمًا

GMT 16:32 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

كنيسة قديمة تتحول إلى منزل فاخر في جورجيا

GMT 16:59 2018 الثلاثاء ,10 تموز / يوليو

جاكوبس تروي تفاصيل "The Restory" لإصلاح الأحذية

GMT 17:32 2013 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مقتل صاحب إذاعة موسيقية خاصة بالرصاص في طرابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates