بقلم - علي ابو الريش
في صميم الجائحة، وفي ذروة تصاعدها، وسعيرها، ونفيرها، وهجيرها، كان العالم يصرخ من ألم، ويئن من أذى، وقد تهاوت عروش اقتصادية عملاقة، وعريقة، وسقطت أشرعة وصوار، وناخت ركاب، وكبأت جياد، وتعثرت أقدام، وتبعثرت أحلام، واكتست وجوه سحنات بلون التراب.
كل هذا حدث في العالم، بينما في الإمارات، وبفضل القاعدة الاقتصادية السميكة، والرصينة الراسخة، والمتينة الشامخة، استطاعت الإمارات بحنكة القيادة، وفطنة الإدارة، أن تمهد الطريق للعبور من دون تصهد، والمرور من دون تكبد العناء الذي تكبده الآخرون.
هذه هي الوثبة الحقيقية التي سهلت للإمارات تجاوز الخطر، وتفادي الضرر، وتحاشي لظى الوباء، الذي همش جدران إمبراطوريات ودمر أسوار عوالم، واجتاح حواضر، وطوى أحلام كواسر في هذا الكون الوسيع.
الإمارات بفضل الوعي الصحي، والإدراك الاقتصادي، الواسع، واجهت الجائحة بروح الفريق الواحد، ومشاعر الأسرة المتكاتفة، وخلية النحل المتضامنة التي استطاعت أن تقف كتفاً بكتف، والسهر على الإنسان، كما بذل الجهد للحفاظ على قوت يومه، وبذرة معاشه.
لم يشعر أحد في بلادنا بالضيق، والضنك، ولم يواجه أحد العسر في أي منحى من مناحي الحياة، فكانت القافلة تمر عبر الوهاد، والوديان، والجبال والشعاب من دون تعب، أو الإحساس بالوهن، لأن القوة الصارمة كانت أكثر جموداً من أي صخرة قد تعترض طريقها، أو أي كأداء قد تعيق سبيلها، أو أي عاقبة قد تعرقل سيرها، فكل الاحتياطات كانت متخذة مسبقاً، السبل ميسرة أمام العاملين في مختلف المجالات، وكل الجهود كانت منصبة في وعاء العمل الوطني بحيث لم يشعر المواطن والمقيم بشيء قد يصعب مهمته في الحياة، أو يقتر عليه في توفير الغذاء أو الكساء، أو الدواء، فالأمور كانت متاحة أمام اليدين، والحكومة تقف إلى جانب المؤسسات المختصة، وتؤيد وتشجع وتثيب، وتدفع، وترفع من المعنويات، كل ذلك عجل من دور الإمارات في صناعة الظفر على أعتى جائحة مر بها العالم منذ عقود، هذا الدور الريادي أدى إلى النجاح، وعمل على وقوف الإمارات اقتصادياً، وصحياً، كما هي النخلة في مواجهة الريح، وهذا الدور هو الذي جعل الإمارات تتبوأ دورها الاستثنائي بين الدول في مقارعة أشرس وباء ضرب العالم.