أفكار وخيالات زاهية «2  3»

أفكار وخيالات زاهية «2 - 3»

أفكار وخيالات زاهية «2 - 3»

 صوت الإمارات -

أفكار وخيالات زاهية «2  3»

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

يخرج الأب من البيت، وقد تسلّح بالكمامة والقفاز، وخبأ المعقم في جيبه، فإذا بالصغير يتشبّث في طرف جلبابه، مصمماً على مرافقته إلى السوق، ولكن الأب ينظر إلى صغيره الذي امتلأت عيناه ببريق الدمع البريء، فينحني إليه بشفقة، ويقبل خده المبلل بالدمع ويقول له: سامحني يا عزيزي، لا أستطيع أن أغامر بحياتك، ففي الخارج يكمن شر مستطير يقال عنه كورونا، والحكومة منعت اصطحاب الأطفال إلى الأماكن العامة حرصاً منها على حياتهم، وأعدك يا حبيبي، أنني سوف أجلب لك من السوق كل ما ترغب به، المهم أن تبقى هنا في البيت، أمام عيني أمك، ومع إخوتك، وبينما يقف الصغير مشدوهاً لا يفهم ما يقال له، وشفتاه تنبضان بكلمات ربما تجمّدت كأنها قطرات الندى على وريقات التوت، كان الأب يحاول أن يتملص من يديه الصغيرتين، وقلبه يعتصر ألماً ويلعن شيطان هذا الوباء الذي استطاع أن يفرض قانونه على البشر، على الرغم من كل الفلسفات الإنسانية، والتي أغرت الإنسان، وتحدّثت عن قدرة البشر في التفوق على الطبيعة، وسائر المخلوقات، توقف الأب ونظر إلى عيني طفله، منتزع الفؤاد، ولكن ليس بالإمكان أفضل مما يكون، فلا مراس من تنفيذ ما يسن من قوانين، لأنها كلها من أجل صحة الناس، وكان يعلم علم اليقين، أن دمعة الابن، أهون بكثير من أن يقع في شراك الوباء اللعين، وما أن صفق الأب الباب من خلفه، حتى هرع الصغير إلى حضن أمه باكياً شاكياً من تصرف أبيه الذي رفض اصطحابه معه إلى السوق، ولكن الأم بوعيها، ولطافة مشاعرها، أخذت الصغير إلى صدرها، وضمّته بحنان الأم الرؤوم، ثم كفكفت دمعاته بأصابعها، وقبّلت خده بحنان بالغ، وقالت له بلغة أرق من وشاحها الحريري: كان بود أبيك أن يصحبك معه إلى السوق، ولكن هناك يا حبيبي، وباء اسمه كورونا، يصيب الناس
ويسقطهم على أسرّة المرض العضال، ويظلون يعانون منه أشد المعاناة، وبعضهم يفارق الحياة جرّاء وطأة المرض، وعدم قدرتهم على تحمل ضرباته العنيفة في أجسادهم.
يرفع الصغير وجهه، ويتأمل محيا أمه، ويظل هكذا وكأنه لا يصدق ما يروى له، ولكنه أمام جدية الأم يذعن لما تقوله، ويرخي رأسه على كتفها، ثم يردف: وأبي متى يعود؟ لا أريده أن يغيب عنا طويلاً، فأنا أخشى عليه من الإصابة.
تبتسم الأم وتضع يدها على رأس الصغير، ثم تستطرد قائلة: لا عليك يا بني، أبوك قد أخذ الحيطة والحذر، وكان لا بد أن يذهب إلى السوق، وإلا سيفرغ البيت من أي لقمة تشبع جوعنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفكار وخيالات زاهية «2  3» أفكار وخيالات زاهية «2  3»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates