رمانة الميزان

رمانة الميزان

رمانة الميزان

 صوت الإمارات -

رمانة الميزان

بقلم : علي أبو الريش

عندما تصبح الحقيقة خارج رمانة الميزان، تصير المشاعر الإنسانية قاذفة صواريخ تطيح الثواب، وتهدم القيم والمبادئ، ويتحول الإنسان إلى وحش كاسر لا يرحم، ولا يهتم بما تخلفه مخالبه من دماء وخراب.. في الحروب الطاحنة، والغزوات والنزوات الانتقامية التي نشاهدها اليوم على أرض العرب، ما هي إلا نتيجة لهذا الخلل الذي أصاب الحقيقة وما حل بها من عواهن التشرذم والتشرد.
فبعد ردح من الزمن، توصلت الإنسانية إلى أن الحقيقة واحدة، ولا تمتلكها إلا فئة واحدة دون سائر البشر، الأمر الذي يستدعي وضع الحد الفاصل ما بين من يمتلك الحقيقة ومن لا يمتلكها، هذا التفكير بدوره أدى إلى نزف الدماء وحروب التنكيل والإبادة الجماعية، وما يجري اليوم في فلوجه العراق، يشير بالبنان والبيان إلى أن هناك حقيقة ضائعة، وأن هناك خللاً في رمانة الميزان، وأن هناك فئة محتقنة متفاقمة ولأسباب تاريخية، تريد أن تنتقم لذات التاريخ المنصرم، وتريد أن تشفي الغليل طالما الفرصة سنحت.. وتريد أن تتسيد المشهد طالما أفل نجم من ساروا وباروا. ما يحصل في العراق، استمرار لمتوالية المرض النفسي الذي أصيبت به البشرية، وهو يؤكد حالة العصاب القهري الذي تعاني منه الشرائح والفئات المنتمية إلى طائفة أو عرق أو لون.
في الفلوجة كانت البداية حرباً على داعش، ولكن الضمير اللا شعوري لدى الحشد الشعبي لا يخصص الأسماء بقدر ما يعمم، ويرمز بالذات إلى طائفة مهما تحلت هذه الطائفة بأخلاق النبيين والصحابة، فطالما هي لا ترتدي نفس العباءة، فهي في نفس خندق داعش أو غيرها.. فالمسألة مرتبطة بالرداء والغشاء الذي يحمل في ثناياه ما يميز طائفة عن أخرى.
فالفلوجة سوف تعاني كما يعاني العراق برمته من ويلات الجزر المتناحرة، لأنه لا يوجد من يفكر خارج نطاق الطائفة، ولأن رمانة الميزان تائهة فإن الحقيقة يمتلكها من يمتلك القوة، ومن يمتلك القوة سوف يبطش ويستبد، ويستولي ويهتك الأعراض حتى وإن كانت هذه الأعراض عراقية، أي أعراضه، فإنه لن يتورع أبداً في نسيان الهوية الوطنية من إعلاء الهوية الطائفية والمتاجرة بها، والمزايدة عليها وهكذا سوف تعيش تاريخاً جديداً من النعرات والصرعات، والبكائيات، والهجائيات والرثائيات إلى أن تتوقف العواصف عن ذر الغبار، وتصحو السماء على نجوم لامعة، وتتبين الحقيقة واضحة وضوح الشمس، ويعرف الإنسان أن الحقيقة الدامغة التي يجب أن يعرفها أنه والآخر ليسا إلا رافدين من نهر واحد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمانة الميزان رمانة الميزان



GMT 09:41 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أحلامهم أوامر

GMT 14:07 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

العربية هي الأرقى

GMT 14:04 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

في معلوم السياسة في مجهول الكياسة

GMT 22:27 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبراج الإمارات السعيدة

GMT 21:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

في يوم العيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 20:08 2018 الأربعاء ,23 أيار / مايو

طريقة تحضير السبرنغ رول بالخضار

GMT 13:02 2018 الثلاثاء ,03 إبريل / نيسان

المعلمون يعلنون عن أهمية التعلم في الهواء الطلق

GMT 23:21 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

آبل تستعد لبيع هاتفها المليار

GMT 16:04 2016 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

شروط جديدة للراغبين بشراء الوحدات العقارية على الخارطة

GMT 13:41 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

تراجع أعداد الحشرات يُهدّد بحدوث انهيار للطبيعة

GMT 00:46 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إبراهيم عيسى يؤكد أن حراسة النصر مسؤولية كبيرة

GMT 15:56 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

"سم العناكب" يعالج أحد أخطر أنواع السرطان

GMT 14:54 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تطبيق الرسائل الخاص بـ"فيسبوك" يختبر ميزة جديدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates