المصير المشترك

المصير المشترك

المصير المشترك

 صوت الإمارات -

المصير المشترك

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

يقول أدغار موران: (إن ما نفتقر إليه لتحقيق مجتمع إنساني هو الوعي بأننا أولاد الأرض، وأن كل تجذر إثني أو قومي مبرر بشرط أن يصاحبه تجذر عميق في الهوية الإنسانية الأرضية).
هذا ما يجهله الغوغائيون، والذين دأبت ألسنتهم على قراءة الأبجدية الوجودية بشكلها المقلوب، الأمر الذي يجعلهم يرتجفون لمجرد الاقتراب من الآخر، وترتعد فرائصهم عندما يرون الحقائق تتكشف عن ثوابت تقلم أظافر الخرافة، وتغسل الوجوه من غبار السنين، وتنظف العيون من القذى. هذه هي حكاية الحقيقة مع الخيال وهذه هي قصة العقل عندما يصبح كومة من الرماد، وجبالاً من الكذب، وهضاباً من الصور الخيالية التي أنتجها واقع من تراكمات التاريخ البذيء، وعقد النقص، ومركبات الدونية.
لقد تورّمت الأنا، وأصبحت كتلة من جحيم، مما يتعذر معه على هذه الأنا الاقتراب من الآخر، ولو حاولت، لاحترقت، وأحرقت، وكوت، واكتوت، وفنت، وأفنت، وتلاشت في خضم من المفردات اللغوية والتي لا تفضي إلا إلى نهايات مأساوية.
هكذا يصاب الفرد المنعزل، وكذلك المجتمع، عندما ينزوي في مكب نفايات تاريخية ويغيب في الأتون المعتمة، فلا يرى غير نفسه، ولا يشعر بغير الكراهية كونه أصبح في الوجود أحداً مرتعداً، مرتجفاً يخاف تقاسم الجحر الضيق مع آخر يحسبه عدواً، ومغتصباً. نحن ننسى أنفسنا عندما نغوص في غياهب كون أضيق من ثقب إبرة، وعندما نهيم في بيداء أشح من يباب الصخور، وعندما نمارس الحياة كلعبة (الغمّيضة)، نسير في الدروب ونحن خائفون من الافتراس غير واثقين من أنفسنا، وغير مستندين على حقيقة أننا أفراد من سلالة نوع، تمتد جذوره إلى ملايين السنوات، ويجب علينا أن نوحّد الأرض كما نوحّد خالقها، ونعود إلى الجبلة الأولى كي تحمينا من برودة العراء النفسي، وتحفظنا من عبوس الفكر الممزق.
نحن بحاجة إلى إعادة كتابة التاريخ، وصياغته من جديد، وتهذيبه، وتشذيبه، وتأديبه، ولا يستطيع فعل ذلك إلا الفذ، والجهبذ والذي تخلص من عقدة الصفر المتجمد، وتحرر من قيد الأوهام التاريخية المقذوفة علينا منذ أن رضعنا اللعنات على الآخر. لا يستطيع أن يقتحم هذا السور إلا من آمن بأننا أبناء الأرض، إخوة في السلالة البشرية، وما المصطلحات المغلوطة إلا زبد الحمقى، ورعد المتسربين في دم الحقيقة كما هي الفيروسات، وجائحات الأزمنة الرديئة، والأفكار الشوكية، ذات المهارات في اللعب على القضايا الجوهرية، ولكن يبقى للذين يشقون مفارق طرق حتمية في مجرى التاريخ، هم المنقذون، والمحررون من صهد التبعية للأوهام، وتعب النعيق.
هم القادة الذين يجعلون للمصير المشترك حيوية كما هي حيوية الدم في الجسد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصير المشترك المصير المشترك



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates