يقلم - علي ابو الريش
عندما ترى شخصاً يسير في الشارع، ويضع الكمامة في مرفق اليد، وفي الشارع يمر الشاب والكهل والطفل الصغير، تأكد بأن هذا الكائن البشري تحول إلى فيروس متنقل، حمل على عاتقه مسؤولية نشر الوباء عبر ضمير ميت، وإحساس تم حفظه في ثلاجة شديدة البرودة.
هذا الشخص تعالى على التوجيهات الصحية، وترفع على القوانين التي تجرّم مثل هذه التجاوزات القاتلة.
عندما ترى هكذا نماذج بشرية خرجت عن الطوق، وتمادت في اللامبالاة، وبالغت في العنجهية، والهمجية، وأصبحت تهدد الحياة العامة، وتطيل من أمد الوباء، وتعمل على تكريس حالة القلق، وتقتل أي بذرة أمل في النفوس.
عندما يتحول الإنسان إلى كتلة من الشر، فإن مثل هذا المخلوق، لا يستحق أن تسير أقدامه على أرض أترفت القريب والبعيد، وأنعمت على كل من تنفس هواءها وشرب من مائها، وعاش بين أهلها مكرماً معززاً محترماً، وإن ساءته سيئة، تداعت له كل القلوب، بالعطف، واللطف، ومنحته الحب، وفتحت له الدرب، كي يمر بلا عقبات ولا نكبات، ولا كبوات.
في مثل النائبات، المسغبات، تكبر القواسم المشتركة بين الناس أجمعين، وتتسع حدقة الواجبات تجاه الوطن، فلا عذر، ولا حجة، ولا مبرر، لكل هماز مشاء بالغلط واللغط، لا مجال للخروج عن خط سير فيه نجاة الجميع وظفر الوطن بشفاء الجميع من كل مكروه، وإذا ما اتخذ أحدهم طريق المراوغة، والجدل العقيم، وسار في الدروب كأنه الشاة النافرة، فإن الأمر يستحق وقفة صادقة مع النفس، يجب أن يبذلها ذلك الشخص الذي لم يتحر الدقة في هيئته، وهو يسير في الطريق شاذاً دون العالمين والكمامة في غير موضعها، تتدلى من مرفق أصبح كمشجب قديم، طرقته شمس القيظ، فأضحى يترقرق بعروق أشبه بحبال الغسيل! هذا الشخص وسواه مطالبون بلحظة وعي، تسهم في إيقاظهم من سبات العدمية، لحظة تنبههم بأنهم لا يعيشون على هذه الأرض بمفردهم، وإنما يشاركهم الملايين من البشر في العيش، عليهم أن يتقاسموا معهم العيش السليم والحياة الخالية من مرض النفوس، والعلاقات الإنسانية التي تعبر عن الحب، والشفافية واليقين بأنه لا حياة لفرد من دون آخر يعزز وجوده، ويثري قدراته، وإمكانياته على هذه الأرض.
نحتاج بقوة إلى هذا الإنسان الذي يتجاوز ذاته، ليصل إلى الآخر بروح أشف من الماء الفرات، وقلب أصفى من عيني الغزال، ونفس قريرة مطمئنة.