طفولية الاختيار

طفولية الاختيار

طفولية الاختيار

 صوت الإمارات -

طفولية الاختيار

بقلم : علي ابو الريش

«الوجود هو اختيار، وعدم الاختيار هو عدم الوجود» سارتر.

نسأل أنفسنا هل هذا الجيل اختار وجوده في التاريخ المعاصر. أعتقد أن هناك حدثاً ما يشبه الصدمة الحضارية، ما جعل العقل الحاضر يقع في مأزق طفولية الاختيار، إن لم نقل غوغائية الاختيار.
هكذا نتصور المشهد، ونتأمل تفاصيله، ونراه أمام أعيننا يتدحرج نحو آفاق ربما تكون مجهولة، على أقل تقدير للغالبية العظمى من أبنائنا. كيف؟ لقد حدث أن رأى أحدهم عبر شاشة تلفزيونية، أو هاتفية ما يثير الإعجاب، فسارع إلى ارتداء هذا الملبس، أو تناول هذا المأكل، أو سلك هذا الطريق، أو الاقتداء بسلوك وجد فيه ضالته وهو يتخبط في منافي الضياع، والتيه.
لا ضير أن نمشي في طريق مشى فيه غيرنا، ولكن بشرط أن نكون على وعي بما نفعله. فهل هذا الجيل يقلد بوعي، ويستقطب كل ما هو خارجي وهو في أتم يقظته؟ أعتقد أننا لو قلنا نعم، فسوف نظلم الكثير من أبنائنا ونضعهم جميعاً في سلة واحدة.
هناك ما يجعلنا نتوقف عند نقطة مهمة، وهي لماذا، يحب الناس التقليد؟ هذا السؤال سوف ينقلنا إلى محطة مهمة جداً، ودقيقة وهي أن التقليد هو طبيعة بشرية، كما هو التفرد، ولكن ما بينهما الفرق الشاسع الذي يسلط الضوء على اللونين الأبيض والأسود، وعلى الحقيقة والخيال، وعلى الواقع والوهم.
في غضون فترة زمنية قصيرة كما أسلفنا، أي لا تتجاوز العشرين سنة الماضية، وجد الجيل الجديد نفسه أمام ضوء كاشف، وضع العالم بأسره بين يديه، ولم يعد الفضاء ضيقاً كما كان في سابق الأزمان، الأمر الذي سهل عملية الغرف من البئر الواسعة، ومن دون عناء، بمعنى أن الكلمة التي تطلق في أقاصي الدنيا يمكن أن تسمع في لحظتها، وكذلك السلعة التي تنتج في بلاد ما وراء البحار، يمكن أن تكون في أحضان شخص في أي مكان من العالم.
وقس على ذلك، أحداثاً، وتطورات، وتغيرات، وصراعات، تمطرها العقول في بلد ما، تبعد عنا آلاف الأميال، قد نجدها في اللحظة ذاتها، بين أيدينا، وتسكن أكنافنا.
هذه السرعة الفائقة للحضور، أحضرت معها الصدمة، والإبهار، ونالت من القلب ما تناله المعجزات، والخرافات، والخوارق. أصبح العقل في أسر الجديد، والفريد، وأصبحت المشاعر مثل نشارة الخشب، تتقاذفها رياح الانثيالات العجيبة، والغريبة، فيما بات العقل في قبضة الاغتراب، والاستلاب، حين احتلته هذه الأنياب الحادة من غرائب المنتج البعيد الذي أصبح أقرب من الحاجب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طفولية الاختيار طفولية الاختيار



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates