الغيمة في زلامسي

الغيمة في زلامسي

الغيمة في زلامسي

 صوت الإمارات -

الغيمة في زلامسي

بقلم : علي أبو الريش

 الغيمة في زلامسي مثل سجادة تفرش مخملها في السماء، والناس عصافير ينقرون حبات المطر، بشغف الناهضين من تحت ملاءات الشظف، عندما تمر السحابة فوق الرؤوس، كأنها نورس علق أجنحته في الفضاء كي تعرض الموجة رصيدها من زاد الصباحات الباكرة.

بعض من يمرون على جادة النهار ثم يجلسون على مقاعد الاسترخاء، سيدلون ستائر الأراضي القاحلة ويسردون الحكاية لمن غادروا موائلهم، ويحرقون سجائر الزمن بأعقاب الدماء الساخنة ثم يقذفون بالرماد عند شفة الريح، فترى اللون الباهت يسقط سحابات جافة على الذاكرة، ترى بعض بشر يشبكون الأيدي، ونعيم اللمسات يتسرب وجداً تاريخياً في أحشاء الوجود، ترى وجوها توضأت بابتسامات لمعت كأنها البرق في بطن السماء، ترى نفسك في العزلة، كائناً حط من أقاصي ذاكرة التاريخ وجاء ليضيف الى قائمة الناسكين في بلد تخلى عن نساكه ساعة صاح نيتشه ومن والاه بصيرورة الزمن، وإرادة القوة، تجلس وحيداً، بفردية لا معنى لها غير أنك لم تجد المقعد المملوء بالأرواح الأليفة، ومعك صوت داخلي يسحب ثوبه إلى حيث الفراغ يترك بعض البلل على خشب الألواح الناتئة، من عظيم اللقاءات الدفيئة وقبلات المطر الحنونة.

تمر السحابة وفي غضونها أمواج من الرذاذ، وأفواج من الحكايات القديمة، وتمر أنت بصمت، تحتسي لعابك بخفة الطير، وتمضغ أحلامك برأفة الأولياء الصالحين، وأفذاذ الفلسفة الوجودية، تتذكرهم جميعاً، فهم الذين سخروا من سحر المادية، وهم الذين تملكوا زمام العصر الذهبي للفلسفة بعد أن نبشت الحرب العالمية الثانية قبور الأموات لتحاسبهم على ما فعلته الكنيسة باسبينوزا، وسواه من الذين لعبوا لعبة الخطر مع من سكنتهم روح التعالي في صياغة واقع اللاواقع.

سحابة أخرى تمطر، وتغسل جفنيك بالقطرات، وتمضي بعيداً، وتمكث أنت ترشف ما فاض عن الشفتين، وتتقصى حدود النث حيثما ذهب والسحابة تطل من بعيد، ويشع قميصها الأبيض، وأنت تلمع مثل زجاجة قديمة كنسها المطر من الغبار، وأنت تكنس أيامك، وأحلامك، وتتوالى في الحضور المؤجل منذ سنوات العمر، وتمنياته الأكثر من حبات الرمل في الصحراء، يتملكك الذعر حين تتذكر أنك كنت تطلق لطيور الأمنيات التصريح الأخير، ولا جدوى من أمنياتك لأنك كنت في الكهف لا ترى إلا نفسك، ولا تلمس إلا يديك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغيمة في زلامسي الغيمة في زلامسي



GMT 14:48 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

المنصوري والنيادي عند شغاف النجوم

GMT 14:46 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

كان يراقبهم يكبرون

GMT 14:44 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

كل هذا الحب

GMT 14:43 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

رواية عظيمة لا تعرفها

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates