بقلم : علي أبو الريش
الأخلاق في الزمان سياج ورتاج، ومزاج إنساني، يحتاج دوماً إلى العناق بأشواق العشاق المدنفين، الذين يعرفون أن القيم الأخلاقية حزام أمان ووسام اطمئنان، ومهما بلغ الإنسان ثراء ورخاء، يبقى خاوياً ذاوياً، إذا ما وضع الأخلاق في طابور الانتظار إلى غد مجهول.. تدريس مادة التربية الأخلاقية في مدارسنا، فتح من فتوحات الوعي اليقظ، الذي يضع تنشئة الإنسان في مقام زراعة العشب في صحراء واسعة التضاريس، وفي زمن طالت فيه أعواد الأشجار الشوكية والسامة، أصبح من الضروري أن تتوفر لدينا أدوات التشذيب والتهذيب، وترتيب المشاعر.
وصار من المهم جداً أن نرعى أبناءنا، بوسائل علمية موضوعية بعيداً عن العواطف، وبعيداً عن الأهواء والأرزاء. فاليوم، ومنذ عقد من الزمن، تضافرت جهود جهات وعناصر وتنظيمات على التشويش والتشويه، وزراعة الألغام والأسقام، في طريق يسلكه الشباب، وشاعت أفكار وذاعت أخبار، جلها تحمل في طياتها، أسوأ ما فكر به الإنسان، هذه الحملات المغرضة والهادفة إلى تخريب الضمير الإنساني، وتدمير وجدانه، تحتاج إلى هذا التوجه الذي بدأته بلادنا، من أجل كبح الجماح، وصد النباح، ورفع الجناح عالياً، بعيداً عن حضيض الذين سكروا حتى الثمالة،
بشعارات صفراء، فاقع لونها، لا تسر أبداً، الهدف منها العبث بوجدان الناس، وبعثرة مشاعرهم في مواقد الاحتراق المجاني، والتطاول على الدين باسم الدين، تحريفاً وتزييفاً، وتخريفاً.
التربية الأخلاقية هدف سام، نحتاج إليه بإلحاح، فهو الوسيلة الوحيدة لمواجهة الأفاعي والعقارب، وهو الأسلوب الأمثل الذي به نرتفع بوعي أبنائنا، ونحميهم من ضلال الذين ضلوا، وزلوا، وخلّوا، وزلزلوا، وخلخلوا، وجلجلوا، وقلقلوا، وأباحوا، واستباحوا، وفاضوا حقداً وعدوانية، ضد الإنسان في كل مكان. نحتاج إلى هذه المادة الأخلاقية، كما نحتاج إلى الماء والهواء، نحتاج إليها لننقي الذاكرة، من صخب الذين رفعوا النعيق والنهيق والنقيق، وأشاعوا فكرة الموت، ملتزمين بأوهام، وخيالات شيطانية.
نحتاج إلى هذه المادة، لأنها تمس العقل والنفس، ولا أحد معصوم، فكلنا بحاجة إلى الذكر والذكرى تنفع المؤمنين. وتصفية النفس علم نحتاجه.. وكما قال طاليس، إذا كانت الأشياء جميعاً جاءت من الماء، فلنصفي الماء، نعم، فلنصفي العقل.