بقلم : علي أبو الريش
ضمن أنشطة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة القرائية التثقيفية، صدرت مجموعة كتب تجلت برشاقة المعطى، وأناقة المنجز، ولباقة الهدف كتاب «قصر المويجعي»، بدا كجناح الطير مرفرفاً بعطر التاريخ مهفهفاً بروح المكان، عابقاً برائحة الناس الأوفياء الذين رسخوا الحكمة على أرض الصحراء لتبدو الحياة منازل العشاق الذين يطرقون أفق الكون، بقلوب مدنفة بأشواق الانتماء، وأحداق الوفاء.
في كتاب «قصر المويجعي»، تنفتح الصفحات على سرد خفيف خفة الفراشة، ولون الوردة الطالعة في واحة العين المدينة المنورة، ببريق الأثر الطيب، والإرث النجيب.
في هذا الكتاب تأتي المعلومة مثل نسمة باردة مكسوة بالندى وعبير النخلة النبيلة، معلومات شائقة عن رموز أثرية وتراثية كانت في التاريخ النسق والألق، وكانت الوشق الجبلي النابش عن أحلام صباحاته الندية، في هذا الكتاب نبحث عن ذات الإنسان، عن اختلاجاته وتوهجاته ولواعجه، وما سكن مهجه في هذا الكتاب، الصورة والكلمة رافدان لنهر الفكرة المجللة، بوعي من سكنتهم الصحراء، وأسس منازلها في أفئدتهم، كما استوطنوا هم حبات ترابها، وصار الزمن في العلاقة كالمسافة ما بين الرمش والرمش.
حقيقة ونحن في أعوام القراءة، نجد من الضرورة أن يحضر التراث الإماراتي في ذهن الطالب والموظف الكبير والصغير، الرجل والمرأة وما من أوراق يمكن أن تهب العين، ضوء النهار الأبيض إلا مثل هذه الكتب أو سلسلة الكتب التي اعتنت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، في إعطائها لباس السندس والاستبرق، لتبدو أمام القارئ، سبورة العلم المنقوشة بوعي الذين يعكفون على توسيع وعينا بأخذنا برفق وأناة نحو تاريخنا، وعبر صفحات تنشرح على الزمن، مثل غيمات محملة بمطر العشب القشيب والأفق الرحيب، والفعل النجيب، والعقل اللبيب، والعطاء الخصيب، واللون الخضيب.
في هذا الكتاب سيجد القارئ المعلومة السلسة، والفكرة البسيطة الميسرة، السهلة، واللغة الطيعة تسير عبر الصفحات مثل عذوبة الماء، ونقاء الهواء، مثل اشتهاء الكلمة للكلمة عندما تكون اللغة زعانف تلونها الموجة ببياض السريرة، ونقاء الحلم، ولا شيء أجمل من أن نعلم أبناءنا كيف تحلم أشجار القلب نبث الحروف الدالة، والموحية والمؤدية إلى علاقة الوفاء ما بين الإنسان وبيئته، وما بين الإنسان وتاريخه، وما بين الإنسان وأهله.. هذه المنتجات الثقافية التي نحتاجها، والتي يجب أن نسعى لها، ليتسنى لنا أن نكون وعياً واسعاً، ومتكاملاً بالأديم الذي تسير عليه أقدامنا.
فالأمم لا تتطور إلا بارتباطها بعروة وثقى ما بين الماضي والحاضر، ليكون المستقبل الزهرة التي ارتوت من نث الماضي، وحث الحاضر.. في هذا الكتاب «قصر المويجعي» تسكن رائحة من سقى الحاضر من نبع الماضي، رائحة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
المصدر : الاتحاد